بالرغم من عدم توافق رؤساء الكتل البرلمانية حول الأسماء الأربعة. تطرح هذه المسألة عديد السيناريوهات والاحتمالات حول مصير الأسماء الثمانية المترشحة لعضوية المحكمة الدستورية، وتوجهات الكتل البرلمانية التي لا تزال في طريق مسدود إلى حد الآن.
المعلوم أن المحكمة الدستورية تتركب من 12 عضوا، ثلاثة أرباعهم من المختصين في القانون، ويتم تعيين الأعضاء 4 من قبل مجلس نواب الشعب، والبقية تتوزع بين المجلس الأعلى للقضاء ورئيس الجمهورية على أن يتمتعوا بالكفاءة والنزاهة والاستقلالية والحياد والخبرة، التي لا تقل عن عشرين عاما، بالإضافة إلى عدم انتمائهم إلى أحزاب سياسية، أو ترشّح لرئاسة الجمهورية أو مسؤوليات نيابية. كما ينص القانون أنه لكل كتلة نيابية أو مجموعة من نواب غير المنتمين للكتل يساوي عددهم أو يفوق الحد الأدنى اللازم لتشكيل كتلة، الحق في ترشيح 4 أسماء على الجلسة العامة، على أن يكون 3 منهم من المختصين في القانون ينتخب مجلس نواب الشعب الأعضاء الأربعة بالاقتراع السري وبأغلبية الثلثين من أعضائه فإن لم يحرز العدد الكافي من المرشحين الأغلبية المطلوبة بعد ثلاث دورات متتالية يفتح باب الترشيح مجددا لتقديم عدد جديد من المرشحين بحسب ما تبقى من نقص مع مراعاة الاختصاص في القانون من عدمه.
نواب الشعب سيدخلون مضمار الجلسة العامة بحرية مطلقة على مستوى التصويت وهو ما سيجعل الجلسة صورية، باعتبار أن المرشح الذي سيحصل على مقعد في عضوية المحكمة الدستورية يجب عليه أن يتحصل على 145 صوتا. عديد السيناريوهات المطروحة قد تشهدها الجلسة العامة، بالاعتماد على التجارب السابقة على مستوى الجلسات الانتخابية، ولعل تجربة انتخاب أعضاء الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في إطار سد الشغور وانتخاب رئيس لها قد تعاد من جديد.
الإشكال الأساسي
ويأتي الإشكال على خلفية تمسك الكتل بمرشحيهم من بينهم كتلة حركة نداء تونس المتمسكة بالمترشحة روضة الورسيغني بالرغم من انه تم تعيينها مؤخرا بوزارة العدل مما يلغي الشرط المتعلق بأن تكون قاضية مباشرة. هذا التمسك جعل النواب المعارضين يتهمون حركة نداء تونس بمحاولة تعطيل تركيز المحكمة الدستورية، خصوصا وأن التوافقات لا تزال في طورها الأول المتعلق بصنف المختصين، ولم يتم التطرق بتاتا إلى حد الآن في الصنف الثاني المتعلق بغير المختصين. وللتذكير فإن الفصل 9 من القانون الأساسي المتعلق بالمحكمة الدستورية ينص على» ان يكون العضو المختص في القانون، من المدرسين الباحثين التابعين للجامعات منذ 20 سنة على الأقل برتبة أستاذ تعليم عالي، أو قاضيا مباشرا للقضاء منذ 20 سنة على الأقل منتميا إلى أعلى رتبة، أو محاميا مباشرا للمحاماة منذ 20 سنة على الأقل مرسما بجدول المحامين لدى التعقيب، أو من ذوي التجربة في الميدان القانوني منذ 20 سنة على الأقل بشرط أن يكون حاملا لشهادة الدكتوراه في القانون أو ما يعادلها.ويشترط في العضو من غير المختصين في القانون أن يكون حاملا لشهادة الدكتوراه أو ما يعادلها». الاختلاف الحاصل الآن يتمثل بالأساس في قراءة هذا الفصل، حيث أن التوافق على القاضية روضة الورسيغني يبدو صعبا باعتبارها غير مباشرة، وهو ما يجعل المسألة محل طعن في حالة تم التصويت عليها.
التوافق أو حرية التصويت
الأسماء المترشحة وهي كل من العياشي الهمامي، روضة الورسيغني، سناء بن عاشور، سليم اللغماني، زهير بن تنفوس، نجوى الملولي عن صنف المختصين في القانون، وعن غير المختصين في القانون، عبد اللطيف بوعزيزي، شكري المبخوت. الكتل البرلمانية لم تعلن صراحة عن مرشحيها إلى حد الآن، لكن الجميع يجمع على أنهم مع خيار التوافق، وهو ما يطرح عديد السيناريوهات والاحتمالات صلب الجلسة العامة. السيناريو الأول، والذي يبدو الأقرب الآن حسب الاجتماع الأخير لرؤساء الكتل والذي لم يسفر بدوره عن أية توافقات حول الأسماء الثمانية المترشحة، لذلك سيدخل نواب الشعب الجلسة العامة مع اعتماد مبدأ حرية التصويت، ثم على إثر نتائج التصويت يتم التوافق على الأسماء الأربعة. أما السيناريو الثاني فانه يتمثل في التوافق على الأسماء قبل انعقاد الجلسة العامة، وتجنب احتمالات إعادة التصويت في أكثر من مناسبة، أو تأجيل الجلسة الانتخابية لوقت لاحق. كما يتمثل السيناريو الثالث، المرتبط أساسا بطول المدة الفاصلة بين أعمال لجنة الفرز والمرور إلى الجلسة العامة، وهو ما قد يجعل البعض من المترشحين يفكر في الانسحاب من السباق لالتزامات أخرى، مما سيسهل المهمة لنواب الشعب في التوافق على أقل عدد من الأسماء.
في انتظار يوم الثلاثاء القادم، تبقى كافة الاحتمالات واردة حول مصير المحكمة الدستورية بعد التأخر المبالغ فيه من قبل مجلس نواب الشعب خصوصا وأن القانون المحدث لها تمت المصادقة عليه منذ 20 نوفمبر 2015.