تابعت لجنة الصحة والشؤون الاجتماعية خلال اجتماعها يوم أمس مناقشة مشروع القانون المتعلق بتنظيم محاضن الأطفال ورياض الأطفال من خلال عقد سلسلة من جلسات الاستماع شملت كلاّ من مديرة إدارة الطب المدرسي والجامعي، الجمعية التونسية للدفاع عن حقوق الطفل، جمعية برلمانيون من أجل الأسرة، الكشافة التونسية، الجمعية التونسية لمندوبي حماية الطفولة، الإتحاد التونسي للتضامن الاجتماعي. كما تمكنت لجنة الحقوق والحريات من انهاء النظر في فصول مشروع القانون المتعلق بالتبليغ عن الفساد وحماية المبلغين عنه، إلا أن هناك عديد العراقيل المنتظرة أن تعترض مشروع القانون قبل مروره على أنظار الجلسة العامة.
الاستماع إلى المجتمع المدني بخصوص محاضن الأطفال
ست جلسات مرت منذ الانطلاق في مناقشة مشروع القانون صلب اللجنة، وذلك بهدف تطويره وملاءمته مع الوضع الحالي لرياض الأطفال، خصوصا في ظل انتشار ظاهرة المحاضن العشوائية والتجاوزات التي تقع فيها. وفي هذا الإطار قال رئيس اللجنة سهيل العلويني أنه من المهم الاستماع الى المجتمع المدني باعتبار قانون يهم كافة أفراد المجتمع دون استثناء، مشيرا إلى أن النسخة الحالية لا ترتقي إلى المبادئ العامة المتعلقة بحماية الطفل لذلك وجب العمل على تطويرها من أجل وضع إطار قانوني ينظم محاضن الأطفال.
لجنة الصحة والشؤون الاجتماعية ستسعى إلى مراجعة عديد الفصول لعل أبرزها المتعلق بمسألة الاختصاص المهني والتكوين بالنسبة لباعثي المحاضن، والرقابة عليها في ظل تراجع الدولة في الاهتمام بهذا القطاع. وبين أعضاء اللجنة أنه يجب إرجاع دور الدولة في الإشراف على هذا القطاع، خصوصا وزارة الصحة على مستوى المراقبة المستمرة، إلى جانب مراجعة كراس الشروط والتنصيص على مضامينها في فصول مشروع القانون.
جلسات الاستماع إلى منظمات المجتمع المدني تطرقت بالأساس إلى ضرورة تنقيح بعض الفصول خصوصا في ما يتعلق بالتعريفات، باعتبار أن بعض الفصول لا تتلاءم مع ما جاء في كراس الشروط أو الدستور. وعلى سبيل المثال، فقد عارضت جمعية برلمانيون من أجل الأسرة شروط منح الشخص المعنوي الترخيص لفتح رياض الأطفال، باعتبار أن الشرط الذي ينص على منع أي شخص له تتبعات عدلية لسبب منافي لمبادئ الحقوق والحريات، حيث يجب تعويضها في حالة صدور ضده حكم بات بالإدانة وليس محل تتبع باعتبار أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته. هذا ومن المنتظر أن تواصل اللجنة جلسات استماع الى المجتمع المدني صباح اليوم لتشمل المنظمة التونسية للتربية والأسرة/ الجمعية التونسية لحقوق الطفل/ الجمعية التونسية لمتفقدي الطفولة.
تخوفات من سحب مشروع قانون حماية المبلغين
من جهتها، تمكنت لجنة الحقوق والحريات والعلاقات الخارجية يوم أمس من الانتهاء من مناقشة فصول مشروع القانون المتعلق بالتبليغ عن الفساد وحماية المبلغين عنه، والمصادقة عليها. هذا وقد انطلقت اللجنة في مناقشة الأحكام الانتقالية وبعض الفصول الإضافية المقترحة من قبل عدد من نواب الشعب، وذلك بعد إدخال تعديلات جوهرية على مشروع القانون برمته من أجل تطويره باعتبار أن الصيغة الواردة من الحكومة لا تساهم في مكافحة الفساد وحماية المبلغين عنه. التعديلات التي أجرتها اللجنة ستساهم في حماية المبلغين وتعطي الضمانات الكافية لسرية المبلغ الذي تم تغيير إسمه ليصبح «الكاشف عن الفساد». كما ناقشت اللجنة إضافة بعض الفصول الإضافية من بينها مقترح مقدم من قبل النائب عماد الدائمي وهو المقترح الأبرز والمتمثل في التنصيص على معاقبة عدم الإبلاغ عن الفساد بالسجن لمدة تتراوح بين 6 اشهر إلى ثلاث سنوات، باعتبار انه المشروع يعطي حوافز مالية وتشجيعية للابلاغ عن الفساد في نفس الوقت. كما ناقشت اللجنة إضافة احكام انتقالية كمنح مشروع القانون مفعولا رجعيا للسنوات الفارطة باعتبار أن هناك عديد المبلغين يتعرضون إلى الآن لعديد الضغوطات وهو ما يستوجب توفير الحماية لهم. وبالرغم من الاتفاق بين الكتل على كافة التغييرات التي طرأت على مشروع القانون، إلا ان اللجنة أبدت تخوفها من سحب مشروع القانون من قبل الحكومة، لأنها تقريبا اعادت صياغة مشروع القانون برمته، وذلك نتيجة بعض الممارسات السابقة، لعل ابرزها مشروع قانون حق النفاذ إلى المعلومة، ومشروع قانون المجلس الأعلى للقضاء. وفي هذا الإطار، تسعى لجنة الحقوق والحريات تسريع المصادقة على مشروع القانون وإعداد التقرير النهائي من أجل عرضه على مكتب المجلس الذي قد يحدد جلسة عامة في الغرض خلال شهر فيفري.
صعوبات في تطبيق الدستور
بالتزامن مع ذكرى المصادقة على الدستور، ألقى رئيس مجلس نواب الشعب محمد الناصر كلمة في افتتاح الندوة الدولية في القانون الدستوري تحت عنوان «دستور تونس 27 جانفي 2014 ثلاث سنوات من الممارسة الدستورية». وأكد الناصر أن الدستور الحالي قد ضمن الحقوق والحريات الفردية والعامة والفصل بين السلط الثلاث، حيث أرسى مفاهيم دولة القانون ومبادئ الديمقراطية التشاركية. وقد اثبتت الممارسة البرلمانية خلال السنتين الماضيتين بعض الصعوبات التطبيقية، من ذلك بعض الغموض الذي يكتنف العديد من مقتضياته مما يؤكد الحاجة الماسة لإرساء المحكمة الدستورية من اجل تأويل أحكامه وإرساء فقه قضائي دستوري مستقر. وأضاف الناصر انه بعد مرور ثلاث سنوات من المصادقة على الدستور إلا أن العديد من الأحكام لم تدخل حيز النفاذ وهو ما يشكل عرقلة لاستكمال إرساء كل المؤسسات والهيئات الدستورية، لذلك فان مسؤولية مجلس نواب الشعب مهمة جدا، لكن الوظيفة التشريعية مقيدة بأحكام الدستور التي تمنح مشاريع القوانين الصادرة عن الحكومة أولوية النظر.