إلا أنه يبقى منقوصا خصوصا في كيفية التشجيع على الإبلاغ وحماية المعطيات الشخصية للمبلغ.
شيئا فشيئا تقترب لجنة الحقوق والحريات والعلاقات الخارجية من المصادقة على مشروع القانون المتعلق بالإبلاغ عن الفساد وحماية المبلغين عنه، وذلك بعد إجراء عديد التغييرات والتنقيحات الجديدة. لمشروع القانون المذكور والذي يعتبر من أهم التشريعات الحالية الموجهة لمحاربة الفساد، وذلك بهدف تطويره ونجاعته على أرض الواقع. لكن هذه التغييرات لم تكن كفيلة لاقناع الكتل بجدوى مشروع القانون في محاربة الفساد، وهو ما قد يجعل مشروع القانون معرضا للتعديل في الجلسة العامة في أغلب فصوله.
حذف الاستثناءات
أهم التعديلات التي تم إدخالها على مشروع القانون تتمثل بالأساس في حذف الفصل 10 وذلك تماشيا مع التعديل المدخل على الفصل السابع، حيث بات التبليغ عن ملفات الفساد لدى الهيئة عوضا عن الهياكل الإدارية المختصة. كما تداولت اللجنة مطولا بخصوص الفصل 11 المتعلق بالاستثناءات المتعلقة بخصوصية ملفي الأمن والدفاع الذي ينص على وجوب إيداع ملفات الفساد لدى الهيكل الإداري المختص في صورة تعلقها بالأمن والدفاع الوطني، لكن وفي إطار الشفافية ومحاربة الفساد على جميع المستويات قررت اللجنة حذف هذا الفصل، باعتبار أن وجود أي استثناء قد يجعل مشروع القانون غير مجد.
اللجوء إلى وسائل الإعلام من عدمه
مشروع القانون في صيغته الحالية اعطى المبلغ حق اللجوء إلى وسائل الإعلام في فصله 15، حيث تم التنصيص على إمكانية لجوء المبلغ إلى وسائل الإعلام للكشف عن شبهة فساد في صورة استيفاء جميع المراحل والآجال لدى الهيئة. لكن في المقابل، تم حذف هذا الفصل بعدما شهد خلافا حادا بين أعضاء اللجنة حيث اعتبره عدد من النواب منافيا للفصل 27 من الدستور الذي ينص على أن المتهم بريء حتى تثبت ادانته في محاكمة عادلة تكفل فيها جميع ضمانات الدفاع في أطوار التتبع والمحاكمة، إضافة إلى أن التوجه إلى وسائل الإعلام لا يضمن حماية المبلغ ولا يمكن من خلاله إثبات شبهة الفساد.
من جهة أخرى يعتبر الفصل 7 من مشروع القانون من أهم الفصول الذي يحدد الجهة الموكول إليها قبول حالات الابلاغ عن الفساد وهي الهيكل العمومي وفي حالة عدم قيام الهيكل العمومي المعني باتخاذ الإجراءات اللازمة للتحقق من موضوع الإبلاغ والتعامل معه ضمن الآجال المحددة بهذا القانون، يتم اللجوء إلى الهيئة. حيث انقسمت آراء اللجنة بين من يرى ضرورة اللجوء إلى الهيئة وبين من يرى أنه من غير المعقول حرمان أي مواطن من اللجوء إلى القضاء.
نقاط خلافية...
مشروع القانون المذكور عرف عديد التغييرات بعد عقد سلسلة من جلسات الاستماع، تغييرات توجهت أغلبها نحو حماية المبلغ بهدف تشجيع المواطنين على الإبلاغ، لكن في المقابل فإن الإشكال الحقيقي يكمن في كيفية التأكد من صحة المعلومات المقدمة. حيث تداولت اللجنة بخصوص الفصل 20 المتعلق بالتدابير المتخذة للـتأكّد من صحة البيانات المضمنة بالإبلاغ، حيث تم تأجيل الحسم في هذه المسألة مقابل التنصيص على كيفية إعداد التقارير وذلك بتعديل الفصل 21 «تتولى الهيئة إعداد تقرير حول الأعمال موضوع الإبلاغ وإعلام كاشف الفساد بنتائج تقريرها في أجل لا يتجاوز الشهر من تاريخ تقديم الإبلاغ الذي تعهدت به على معنى الفصل 7 من هذا القانون. ويمكن تمديد الأجل شهرا إضافيا إذا توفرت أسباب جدية لذلك .كما تتولى الهياكل المعنية إعداد تقرير حول الأعمال موضوع الإبلاغ والمحالة عليها من الهيئة وإعلام الهيئة بنتائج تقريرها في اجل لا يتجاوز الشهر. و يمكن للهيكل المعني طلب تمديد الأجل بخمسة عشر يوما إضافيا إذا توفّرت أسباب جدّية لذلك، وعلى الهيئة أن تعلم كاشف الفساد بنتائج التقرير في أجل أسبوع من تاريخ توصّلها به من الهيكل المعني».
لجنة الحقوق والحريات ستواصل النقاش بخصوص مشروع القانون على امتداد الأسبوع القادم من أجل الانتهاء منه وإحالته على الجلسة العامة، لكن هذه التغييرات وإن بدت غير مقنعة لعدد من النواب باعتبار أن مشروع القانون لا يشجع كفاية على التبليغ، قد تحتم على الكتل البرلمانية تقديم جملة من مقترحات التعديل صلب الجلسة العامة.