يجد رئيس الجمهورية السابق ورئيس حزب حراك تونس الارادة نفسه دون ابرز قيادييه الذين اعلنوا امس عن استقالة جماعية من الحزب لعدة اسباب اهمها تركيز المرزوقي على حلم كرسي الرئاسة لا غير واستحالة إصلاح مسار الحزب سياسيا وتنظيميا.
اكثر من 80 قياديا من اعضاء الهيئة السياسية والمجالس الجهوية واللجنة المركزية للاعلام والانتخابات وقيادات بارزة في حراك تونس الارادة رافقت منصف المرزوقي منذ سنوات قبل حتى العودة الى تونس اثر الثورة ومنذ تأسيس حزب المؤتمر من اجل الجمهورية وساهمت في تأسيس الحزب الجديد بعد فشله في الانتخابات الرئاسية 2014 ، قررت تقديم استقالتها موضحة انه لم يعد من الممكن المواصلة على النهج الذي يتبعه المرزوقي.
حراك تونس الارادة الذي بني على انقاذ حزب المؤتمر من اجل الجمهورية اثر انتخابات 2014 بعد عدم تمكنه من الحصول على عدد مقاعد محترم في مجلس النواب - 4 نواب- اختار تاسييس حزب جديد معولا على الدعم الشعبي الذي وجده عند الترشح للانتخابات الرئاسية ومروره للدور الثاني مع رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي، الا ان تصرفات المرزوقي والتركيز فقط على هدف واحد هو كرسي قرطاج جعل من ابرز قيادات الحزب ومستشاريه السابقين يقررون الانسحاب اشهرا قليلة قبل موعد الانتخابات وفي الوقت الذي تستعد فيه احزاب اخرى لخوض غمارها وترتيب هياكلها.
في توضيح لاسباب الاستقالة الجماعية قال طارق الكحلاوي القيادي المستقيل من الحراك انه من المفترض ان تكون القاعدة الرئيسية للحزب هي الانتخابات التشريعية والبرلمان لكن المرزوقي لا يعمل على ذلك بل اكثر من ذلك فقد كتب على صفحته الرسمية دعوة لتعديل النظام الرئاسي في الدستور دون الرجوع الى مؤسسات الحزب في حين ان قيادات الحراك تعتبر ذلك مسالة مهمة وانه بغض النظر عما ستفرزه انتخابات 2019 ، فان الحياة السياسية لم تنته عند هذا التاريخ وبالتالي من الممكن العمل على ابعد من ذلك وهو ما جعل قيادات الحزب في خلاف سياسي جوهري معه لاعتقادهم ان هذه الفكرة ستهدم الحزب وفق تعبيره لاذاعة شمس.
عدنان منصر القيادي المستقيل ايضا افاد في تصريح لـ«المغرب» ان المستقيلين حاولوا منذ مدة اصلاح خط الحزب واستعادة خطه السياسي وخاصة بعد نتائج الانتخابات البلدية وبالتالي استعادة هوية الحزب واحترامه للوائحه كحزب معارض ديمقراطي يمارس المعارضة بنزاهة لا بطريقة انتقائية وهو الدور الطبيعي للمعارضة على حد قوله لكن للاسف لا توجد قناعة من قبل الطرف الاخر للمضي نحو الاصلاح وهو ما يدل على جدية التوجه الذي اختاره ، وان الهدف الوحيد «الانتخابات الرئاسية» دون اي عمل جدي ليكون ذلك عن طريق دعم برلماني وهذا التمشي وفق منصر سيجعله يعول على قواعد احزاب اخرى.
وصف منصر الخط الذي اختاره المرزوقي « بالقتل البطيء» مع ان طموح المرزوقي مشروع وله الحق ولكن المهمة الاوكد هي بناء حزب وبالرغم من اصرار قيادات الحزب حسب منصر منذ اشهر على ذلك لكن لم تكن هناك اي بوادر للاصلاح وكل شخص يحترم نفسه عندما يشعر بأنه اصبح عبئا لا يمكنه المواصلة .
شخصية المرزوقي هي السائدة لذلك فشل الفريق المعارض لسياسته في اقناعه ، وبالرغم من عمله بقرار الاستقالة الجماعية منذ اكثر من شهرين الا ان المرزوقي لم يتصل بهم حيث يؤكد منصر ان الاتصلات انقطعت منذ تقريبا شهر جوان الماضي وانه على علم بقرار الاستقالة. وبخصوص ما اعتبره «الاصطفاف الإقليمي» وفق ما جاء في بيان الاستقالة ، قال منصر الحزب سقط في مزايدات على المستوى الإقليمي على غرار علاقته بتركيا، حيث عادة ما يفرط في مواقفه الداعمة لهذا البلد، وان هناك مواقف أحيانا لا داعي لها وتأتي في ظرف يكون فيه الاهتمام بالشأن الوطني له الأولوية... وبالتالي هناك مزايدة في إبداء التعاطف والامر نفسه لقطر التي تقع في الخط الاخواني.
في حين يرى منصر انه ‘’من المفترض أن يحترم الحزب نفسه وأن يلقى الولاء والاحترام من قواعده وأن يعوّل على برامجه من أجل منافسة بقية الأحزاب السياسية.. لكن بعض الممارسات في الحراك تؤكّد أنّه لا وجود لتنافس مع حركة النهضة بل هناك ود تنظيمي مبالغ فيه.. اضف الى ذلك أنّ المنصف المرزوقي لم يفهم من القطيعة بين قرطاج والقصبة إلاّ تغيير الدستور وتدعيم صلاحيات رئاسة الجمهورية، في حين كان من الأجدر به التفكير والعمل على بناء حزب قوي يكون له قدرة على كسب كتلة برلمانية واسعة باستطاعتها المشاركة في الشأن العام.
وعن الوقت الذي اعلن فيه عن الاستقالة قال ان هذا القرار تم اتخاذه منذ مدة وعند التاكد من عدم وجود نية للاصلاح تم الاعلان عنه.
حزب اخر يشهد استقالات متتالية اشهرا معدودة قبل الانتخابات في حين تحافظ احزاب اخرى على استقرارها رغم الخلافات الداخلية وهي النهضة والجبهة وتعرف احزاب اخرى تطورا وتقدما منها التيار الديمقراطي .