اليوم سيتم، مبدئيا، تكليف يوسف الشاهد برئاسة الحكومة: القرض الحسن...

تسارعـت وتيرة الأحداث بعد رفض مجلس نـــواب الشــعب تجديد الثقة في حكومة الحبيب الصيد... فرئيس الجمهورية لم يستعمل كامل المدة التي سمح له بها الدستور (10 أيام) لتكليف شخصية جديدة بمهام رئاسة الحكومة بل كثف من مشاوراته يوم الأحد ثم اقترح اسم

يوسف الشاهد، وزير الشؤون المحلية الحالي، في اجتماع ما يمكن أن نسميه بلجنة الحوار الوطني لتشكيل حكومة وحدة وطنية وذلك منذ يوم الاثنين الفارط ليتم اليوم بالقصر الرئاسي تكليف رئيس الحكومة الجديد والذي سيكون على الأرجح يوسف الشاهد إلا في حالة واحدة وهو حصول إجماع – مناقض له من قبل الممضين على وثيقة قرطاج... وهذه الفرضية تكاد تكون اليوم محض خيال...

يبدو أن رئيس الجمهورية قد فاجأ الجميع بهذا المقترح ربما ما عدا رئيس حركة النهضة والأمين العام لاتحاد الشغل اللذين التقى بهما في الأسبوع الفارط وقد يكون قد عرض عليهما مقترحه هذا أو على الأقل اطمأن بأنهما لن يعارضا بصفة جدية ما سيقترحه رئيس الجمهورية..

لسنا ندري إلى حد كتابة هذه الأسطر هل ستوافق أحزاب المعارضة ونقصد خاصة الجمهوري والمسار وحركة الشعب وأيضا حركة مشروع تونس بقرار التعيين هذا وهل ستقاطع جلسات الحوار من أجل تشكيل حكومة وحدة وطنية...

كما أننا لا ندري هل أن المنظمات الوطنية المشاركة في الحوار (اتحاد الشغل واتحاد الأعراف واتحاد الفلاحين) راضية تمام الرضا عن الاختيار الرئاسي أم أنها ستلازم صمتا حذرا في انتظار التأكد من سياسات وحوكمة الحكومة القادمة...

الواضح على كل حال أنه لن يكون هنالك إجماع من قبل الممضين على وثيقة قرطاج لا قدحا في شخصية المرشح الرئاسي بل لاعتبارين اثنين:
- انتماء يوسف الشاهد إلى نداء تونس وبعض أطياف المعارضة قد جعلت من استقلالية رئيس الحكومة القادم شرطا لمشاركتها ولمواصلتها هذا الحوار.
- شكوك حول قدرة وزير الشؤون المحلية الحالي على أن يكون ربّان السفينة الأمثل والأنسب في هذا الظرف الصعب الذي تمر به البلاد...

ولكن أيّا يكن من أمر فالإجماع المطلوب (أي في حالاته القصوى) لن يتحقق لا حول يوسف الشاهد ولا حول غيره كما انه من السذاجة الاعتقاد بأن الإجماع سيكون حاضرا عندما تنطلق أشغال الحكومة القادمة... فكل سياسة عمومية جدية سترضي البعض وستغضب البعض الآخر... الإجماع لن يكون بشكله الكبير إلا عندما تكون البلاد في حالة خطر محدقة وحول مهام معينة وشخصيات استثنائية... أما فيما عدا ذلك فالمطلوب هو توسيع قاعدة المشاركة والتشريك والإنصات للمخالفين لإرضاء الجميع...

بقي السؤال الرئيسي: إن لم يكن يوسف الشاهد هو الخيار الأمثل لتونس اليوم (وهل يوجد «خيار أمثل»؟ !) فهل هو خيار مناسب أم لا؟...

عناصر عديدة تجعلنا نعتقد بأنه قد يكون خيارا مناسبا بداية بالصغر النسبي لسنه (41 سنة) وثانيا بماضيه العائلي والشخصي وثالثا بتجربته الحكومية...

فتونس تحتاج ولا شك إلى وثبة في الأجيال تجعل من تشبيب وتأنيث الطبقة السياسية هدفا من أهدافها.

ولكن لا يخفى على أحد أن هذه الخصال الشخصية لا تكفي لقيادة البلاد وأنها تحتاج إلى خصال قيادية وصمود أيام الشدة وعدم الخضوع لمواقع القوى داخل القصر الرئاسي خاصة وخارجه أيضا...

ما يُخشى على الرجل هو أن تُحاك له جبّة جاهزة وألا يتمكن من رفضها منذ البداية وعندها سيكون الفشل هو......

اشترك في النسخة الرقمية للمغرب ابتداء من 25 د

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115