مجلس الشؤون الخارجية الأوروبية، لحسم الجدل بين دوله الأعضاء وتوحيد موقفها من مسألة كيفية دعم تونس؟ ومتي؟
ويعبر عن هذا الجدل موقفان، يمكن اختزالهما في الموقف الايطالي الذي يرى ضرورة ان تضغط أوروبا من اجل ان يبرم الصندوق اتفاقه مع تونس دون انتظار الانطلاق في الإصلاحات او تحقيق شرط الالتزام السياسي من قبل رئيس الجمهورية، وبذلك فإن ايطاليا هي الحليف الابرز لتونس اليوم، ذلك لأن الأوضاع في البلاد حرجة ولا يمكن الانتظار إلى حين استيفاء كافة شروط الصندوق.
مقابل هذا الموقف الايطالي الذي يجد ترحيبا وإشادة من تونس، على لسان وزير خارجيتها . يوجد الموقف الثاني الذي تعبر عنه فرنسا والذي ينطلق من انه لا يمكن دعم الملف التونسي لدى صندوق النقد الدولي اذا لم تقطع السلطات التونسية خطوة في مسار الإصلاح.
هنا وقبل انعقاد اجتماع الاثنين للمجلس الأوروبي اعلن ممثلو هذين التوجهين عن طبيعة الموقف الذي سيدافعون عنه، ففي الجانب الايطالي اكد وزير الخارجية أنطونيو تاياني، ان حكومته تصر على موقفها وترى انه من الضروري تقديم المساعدة مع الضغط من اجل القيام بالإصلاحات، وشرح فكرة حكومته التي تقوم على صرف القسط الاول من القرص والمقدر بـ300 مليون دولار وربط بقية الأقساط بما تحقق من إصلاحات.
وقد اعدت الحكومة الايطالية خطابا يبرز حجم الخطر الذي يتهدد الدولة التونسية وتوازناتها المالية وانعكاسات اي تدهور في الاوضاع على امن الاتحاد الاوروبي المهدد بتدفق عدد كبير من المهاجرين غير النظاميين. لإبراز تفاقم الوضع شدد وزير الخارجية الايطالي على ان الوضع بات اكثر «تعقيدا» في تونس مما يستوجب اليوم ان تنطلق عملية صرف التمويلات مع مراقبة تقدم الإصلاحات وتنفيذها قبل منح المزيد.
موقف ايطالي ظل وفيا لنفسه ولمصالحه التي تقودها مخاوف من تصبح الشواطئ التونسية محطة لتدفق المهاجرين غير النظامين نحوها. لكن هذا الموقف يواجه موقف مختلفا عنه تقوده فرنسا التي أعلنت عن مشاركة وزيرة أوروبا والشؤون الخارجية كاترين كولونا في الاجتماع ونصت على أنها ستحرص خلاله على إبراز « أهمية الحفاظ على الوحدة الأوروبية من أجل حث التونسيين على التوصل إلى إبرام الاتفاق مع صندوق النقد الدولي وتنفيذ برنامج الإصلاحات الذي قاموا بتحديده والذي يعد أساسيًا من أجل الاستقرار المستدام في البلاد» وفق البلاغ الصادر أمس عن وزارتها.
هنا يتضح ان الحكومة الفرنسية متمسكة بان لا يمارس الاتحاد الأوروبي أية ضغوط في اتجاه تبنى الخيار الايطالي، وأنها تتمسك بضرورة أن يكون الدعم الأوروبي لتونس عبر حث سلطاتها على الإيفاء بمطالب الصندوق والتي عبرت عنها مديرته التنفيذية في حوارها مع قناة «العربية» منذ أيام بضرورة «ان تقطع تونس الخطوة المتبقية» بعد أن تم تجاوز عقبة توفير تمويلات الميزانية من قبل دول أوروبية بالأساس.
الخطوة المتبقية حددها جوزيب بوريل مفوض الاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية منذ شهر بـ«إمضاء الرئيس التونسي على الاتفاق» اي بأن يصدر عن الرئاسة التونسية التزام صريح بتبني خطة الحكومة للإصلاحات الاقتصادية والمالية.
وهنا نعود رلى الحلقة المغلق التي بتنا ندور فيها منذ أشهر.