وهو متأكد ان رسالته الضمنية قد وجدت طريقها لتبلغ الى الطيف السياسي التونسي. ففي التجمع العمالي ليوم السبت الفارط لم يكن الحدث ما حملته كلمة الطبوبي من تقييم للمشهد السياسي ولا نقده للحكومة أمام أنصار المنظمة ومسانديها من طيف سياسي وجمعياتي، بل كان الحدث في إعلانه الضمني عن إعادة النظر في موقف المنظمة من الطبقة السياسية وإمكانيات التقارب الممكنة
وكانت كلمة الأمين العام، سواء في افتتاح التجمع في اختتامه ، تحمل في طياتها الاعلان عن إعادة ترتيب الاتحاد لأولويات المشهد السياسي ولقائمة خصومه وقائمة حلفائه، وفق ما تقتضيه المرحلة الراهنة.
مرحلة لمح الاتحاد أنها مرحلة صراع من اجل العودة الى الديمقراطية والقطع مع انحرافات السلطة إلى الاستبداد والظلم، ففي تونس اليوم وفق الأمين العام "كل إنسان يمكن ان تتم دعوته إلى القضاء" دون احترام الشروط المحاكمة العادلة التي تضمن العدالة والإنصاف. ليوجه تحيته إلى " المناضلين السياسيين و الحقوقيين في سجن المرناقية. وأمام هذه الأوضاع المعقدة يحدد الاتحاد سبل الخروج من الأزمة وهي بالأساس "الوحدة الوطنية والخطاب الذي يوّحد".
كما تحدث الأمين العام عن مبادرة المنظمات الاجتماعية والمهنية للحوار الوطني. ولكن بعد وصفه للقوى الحية التقدمية في المجتمع المدني بآخر القلاع الصامدة أمام انحرافات المنظومة الجديدة. قوى دعاها الأمين العام إلى أن تتضامن مع الاتحاد وشركائه في صياغة مبادرة الحوار الوطني للإنقاذ.
المجتمع المدني الحي والتقدمي ليس من يشير الاتحاد إلى إمكانية اللقاء معه بل فقط انه يترك الباب مفتوحا أمام الجميع للالتقاء والتقاطع بهدف الخروج من الأزمة ولكن وفق تصور قوامه إنقاذ تونس وفق خيارات سياسية واقتصادية واجتماعية شعبية.
هنا وان لم يعلن الاتحاد صراحة عن انه عدل من موقفه تجاه التحاق الاحزاب بمبادرته او انه اعاد ترتيب اولوياته ليوجه كل جهوده الى معركته مع المنظومة الحاكمة الراهنة، الا ان كل المؤشرات- فتات الخبز- تقود الى ادراك ان المنظمة النقابية اعادت قراءتها للمشهد العام في البلاد وقررت ان اولويتها اليوم ليست في التمايز عن احزاب المنظومة القديمة بل في وضع حد للازمة بتوحيد كل الجهود والقوى السياسية والمدنية.
خيار عبر عنه الاتحاد الذي رحب بكل ممثلي الطيف السياسي المشارك في تجمعه العمالي وفي شعاراته التي رفعت في المسيرة يوم السبت الفارط وفي تصريحات قادته او تلميحاتهم الصريحة الى ان الصراع اليوم هو صراع ضد عودة الاستبداد والقمع وليس ضد اي طرف اخر.
تلويح يفتح الباب اليوم على اعادة ترتيب المشهد السياسي التونسي وفق مقولة "عدو عدوي صديقي" اي ان كل القوى السياسية والمدنية يمكنها اليوم تاجيل صراعاتها البينية الى حين الانتهاء من الصراع مع السلطة بجرها الى حوار وطني ينهى الازمة. وهذا الهدف لا يمكن ان يتحقق وفق قراءة طيف واسع من الفاعليين الا بتوحيد صفوف معارضي قيس سعيد ولو بشكل غير مباشر. فما هو جلي اليوم ان الاتحاد وقادته اجلوا صراعاتهم وخلافاتهم مع احزاب منظومة 24 جويلية لكنهم يذهبوا الى تحالف مباشر بل أن كل ما يقدمونه هو هامش لتقاطع ظرفي وفق بنود محددة وهي التي ستتضمنها مبادرة الحوار الوطني المزمع الإعلان عنها في 20 مارس 2023.
مبادرة وضع الاتحاد وشركاءه اطارا منظما لها، يتمثل في ان تكون المنظمات والجمعيات حجر الاساس وهي الجهات الداعية والمبادرة بالحوار مع ترك باب الالتحاق بالمبادرة مفتوحا للجميع سلطة ومعارضة، اي ان الاتحاد تراجع عن موقفه القديم القائم على رفض تواجد الاحزاب او مشاركتها في المبادرة هو يتبنى موقفا جديدا يؤسس لوجودها كمشارك. مشهد بات اليوم قيد التشكل من جديد وفق أولويات مختلفة عما كانت عليه قبل تجمع 4 مارس الجاري.
اعادة ترتيب الخصوم
- بقلم حسان العيادي
- 15:00 06/03/2023
- 980 عدد المشاهدات
غادر الأمين العام لاتحاد الشغل ساحة محمد علي بالعاصمة بعد أن القي كلمتي الافتتاح والختام للتجمع العمالي الذي دعا إليه الاتحاد يوم السبت الفار 4 مارس الجاري،