اما ان تصطف خلفه او ان تعلن القطيعة معه، خيار عبر عنه بمضمون المرسوم عدد 30 لسنة 2022 المتعلق بإحداث الهيئة الوطنية الاستشارية من اجل جمهورية جديدة.
هيئة نشر امس مرسوم احداثها والذي فصلها الى لجان وكلف كل لجنة منها باختصاص، لجنة قانونية تتولى صياغة الدستور الجديد تتكون من عمداء كليات الحقوق في تونس، دون تحديد لهوية هؤلاء العمداء وهل هي حكر على من يباشرون منصبهم ام تشمل كل من تقلد منصب عميد.
والهيئة الوطنية الاستشارية من أجل الجمهورية الجديدة التي عين العميد السابق صادق بلعيد رئيسا منسقا لها تتفرع الى لجنة قانونية ولجنة اقتصادية ولجنة الحوار الوطني التي تضم اعضاء اللجنتين السابقتين.هيئة كلفها الرئيس بان تعد تقارير ووثائق ومسودة الدستور المزمع عرضه على الاستفتاء مع توصية بان يقع الاستناد الى نتائج الاستشارة الشعبية سواء في المضمون القانوني والدستوري ام في المضمون الاجتماعي والاقتصادي.
كل هذا إذا اضيف اليه ما اعلنه الرئيس في اجتماع مجلس الوزراء يوم الخميس الفارط يكشف بشكل صريح ان الرئيس قيس سعيد اختار ان يمضى في خياره الى نهايته وان يفرض بامر الواقع هذه الخيارات ويغلق الباب امام اية تطورات ايجابية ان تعلق الامر بالحوار الوطني.
فالرئيس فصل حواره ورسم بشكل مبطن مخارجه وترك البقية خاصة المنظمات الوطنية امام خيارين اما الالتحاق بالحوار والانضمام بشكل اساسي الى لجنة الحوار الاقتصادي والاجتماعي او اعلان الرفض، وفي الحالتين انتزع من يد هذه المنظمات اية قدرة على التاثير او التغيير في المسار السياسي والدستوري.
وغلق هذا الباب يعنى ان الرئيس يريد ان يترك صياغة مشروع الدستور الجديد بعيدا عن المنظمات والاحزاب على حد السواء أكانت من الداعمين للرئيس او من المعارضين له او المتحفظين على بعض الخيارات الجميع ابعد مع الاقتصار على الاستعانة بـ«عمداء» كليات الحقوق الذين لهم ان يوجهوا دعوة لحضور اشغال لجنتهم لمن يرونه مناسبا للمشاركة بمعنى اشد وضوحا ان الاحزاب والقوى السياسية الناشطة سيقع ابعادها كليا عن مسار صياغة الدستور مثلها مثل باقي قوى المجتمع المدني والمنظمات لن يكون لها غير التفاعل اللاحق مع مسودة الدستور.
هنا وضع الرئيس يده بشكل مبطن على مسار كتابة الدستور الجديد وترك للمنظمات الوطنية الخمس، اتحاد الشغل ومنظمة الاعراف وعمادة المحامين والرابطة التونسية لحقوق الانسان واتحاد الفلاحين مجال حركة محدود للمشاركة في ما يقدم على انه حوار اقتصادي واجتماعي حددت اطره بدوره في ان يكون ضمن مطالب ثورة 14 جانفي ونتائج الاستشارة الشعبية.
بعبارات اشد وضوحا منح الرئيس لمن طالبوه بان يشاركوا في رسم مسار الخروج من الوضع الاستثنائي الى الوضع الطبيعي حوارا قدّ على المقاس وافرغ من كل مضامينه. اذ هو اقرب الى لجان تقنية رسمية منه الى هيئة لادارة الخلاف والنقاشات بهدف الوصول الى توافقات وطنية تشمل الاصلاحات السياسية والدستورية والاقتصادية والاجتماعية.
حوار مشروط ومفصل يقترح الرئيس على المنظمات الخمس المعنية المشاركة في الهيئة بعضوية للممثلين عنها في اللجنة الاقتصادية والاجتماعية والتي تمنح ممثلي المنظمات مكانا في لجنة الحوار الوطني التي ستتولى عملية تاليف تقرير اللجنتين الرئيسيتين. وهذه اجابة الرئيس على مطالب المنظمات وشروطها للمشاركة في الحوار.
شروط من اهمها ان يكون الحوار شاملا سواء تعلق الامر بالملفات او بالمشاركين، وما يقدمه الرئيس هو حوار مبتور ومحدود ان قبلت به المنظمات ستكون قد تراجعت كليا عن موقفها الرافض لان يكون حضورها فقط لتوفير غطاء سياسي شكلي للرئيس ومساره، وان رفضت المشاركة ستكون قد اغلقت ابواب قصر قرطاج امامها ودخلت بارادتها او بدافع من الرئيس الى صدام معه.
ما يعلنه الرئيس في مرسومه عدد 30 هو ان قطاره لن يتوقف تحت أي ظرف ونتيجة اية اكراهات بل هو سيمضي في طريقه ليأتي على الاخضر واليابس الى ان يصل في النهاية الى جمهورية جديدة تنسجم مع تصوراته وأنصاره لا مع استحقاقات التونسيين وتطلعاتهم الى الغد.
من الحوار الوطني إلى الهيئة الاستشارية: قطار الرئيس لا يتوقف
- بقلم حسان العيادي
- 11:31 21/05/2022
- 1650 عدد المشاهدات
اختار رئيس الجمهورية ان يمضى في مساره السياسي وفق تصوراته الخاصة الى النهاية ليضع الجميع وخاصة المنظمات الوطنية امام خيارين