غلب عليها الحسام والخطابة ولك تقدم اجابات واضحة عن الاسلئة التي لازالت قائمة.
فمع اقتربنا من نهاية ثاني شهر منذ اعلان الرئيس في 25 جويلية 2021 عن تفعيل الفصل 80 وما تابع ذلك من قرارات واجراءات نعيش اليوم على وقعها في ظل «غموض» لم يرفع رغم قول الرئيس انه يتجه لـ»وضع احكام انتقالية» وتعيين حكومة والذهاب الى تعليق الدستور وتعديل القانون الانتخابي.
فالرئيس وان قدم ملامح عامة الا انه لم يقدم فعليا اجابة صريحة عن وجهة البلاد وعن مستقبلها في ظل تجنب الرئاسة طيلة هذه الفترة الخوض صراحة في الأسئلة الحارقة التي توجه اليها. وحبذا التلميح والإشارة باقتضاب الى نوايا الرئيس لا الى تحديد مواعيد ومواقيت تكون مؤشرات وعلامات تقودنا في الفترة الحرجة.
اسئلة تتعلق بوجهة الرئيس واية خيارات سيتخذها بعد ان باتت السلطة التنفيذية برمتها بيديه وفق قراءته للفصل 80 وما أعلنه يوم تنزيله من انه سيكون هو رأس السلطة التنفيذية الوحيد وانه سيجمع صلاحياته التنفيذية بصلاحيات رئيس الحكومة المقال هشام المشيشي على ان يكلف شخصية بإدارة الحكومة خلال المرحلة الاستثنائية. وهذا ما لم يجب عنه خطاب امس وان تمت فيه الاشارة الى تعيين حكومة وفق أحكام انتقالية ستقدم في وقت لاحق.
غموض دفع الفاعلين السياسيين والاجتماعيين في تونس الى توجيه دعوة صريحة إلى الرئيس بأن يقدم تصوره وان يشرح للتونسيين خطته ويعرض خارطة طريق ادارة الفترة الاستثنائية، لاحقا انضمت المنظمات والمؤسسات الدولية، المالية بالاساس الى الداخل وطالبت بعبارات دبلوماسية في البداية بأن يقع رفع الغموض عن خطوات البلاد القادمة.
من الغموض انتقل الحديث الى «الحكومة» والى الضمانات بعدم الانحراف او التراجع عن الديمقراطية والحريات العامة والفردية والاهم ان لا يذهب الرئيس الى خيارات أحادية دون نقاش وحوار بين مكونات المجتمع التونسية ومنظماته اوحزابه، خاصة ان تعلق الامر بالخيارات الكبرى.
هذا ما عاشت على وقعه البلاد طيلة الاسابيع الثمانية التي انطلق احتسابها منذ 25 جويلية، ولازالت عند تلك النقطة، التي يمكن ان تختزل بأن الداخل والخارج تقدما إلى الرئاسة بطلب تقديم توضيحات تتعلق بالأساس بـ«الحكومة» ومدى بقائه في الاطر الدستورية من عدمه؟ أي هل سيعلق الدستور ويقدم تنظيما مؤقتا للسلط العمومية؟
اسئلة يعلم الرئيس جيدا انها مشروعة خاصة إذا وجهت من الداخل الذي ينتظر معرفة وجهة البلاد ورئيسها، كما انه يعلم ان هذه الاسئلة ملحة وان الاجابة عنها تاتي بأشكال عدة، فإذا ما اختار الرئيس الصمت وتجنب الاجابة المباشرة عنها، وفضل التلميح والمقارنة مع الماضي فانه يقدم بذلك اجابة غير مباشرة بانه «غير متعجل» على تشكيل حكومة ولا عن التوجه للتونسيين لتقديم تصوره او خطته.
وضرر عدم التعجل اشد على البلاد والرئيس من الاجابة الصريحة والمباشرة عن هذه الاسئلة، متى ستشكل الحكومة؟ وكيف ستشكل ومن هو «الوزير الاول» او رئيس الحكومة، وصلاحيات هذه الشخصية؟ في اجابته ايا كانت سيقدم الرئيس تصوره ويكشف عن خطواته وفلسفته في ادارة المرحلة بعد ان انفق شهرين تقريبا في الاستعداد.
شهران هما فترة طويلة نسبيا بالنسبة لدولة كتونس التي تواجه ازمات عدة، ازمة مالية عمومية وازمة صحية وازمة سياسية واجتماعية ولا مناص لها لحل ازمتها الا بان تقدم الرئاسة اجابات عن الاسئلة التي تعتمل في عقول الفاعلين في الداخل او الشركاء في الخارج الذين ربطوا بين دعم تونس ووضوح الرؤية.
اي ان الرئيس- ونحسب هذا- يدرك خصائص البلاد والمرحلة التي تمر بها. وهي تحتاج الى ان يقدم اجابات عن اسئلة وجهت وتوجه له بهدف فهم اين نمضى، وهنا لا احد في خانة الدفع او الضغط لإجبار الرئاسة على تقديم إجابات بقدر ما هو حث لها على ان تكشف للتونسيين عن الخطوات القادمة ومواعيدها وآليات تنزيلها.
فما هو ثابت وبديهي ان الاجابات ستقدم ولكن متى وكيف هو ما يجب على تلتقطه الرئاسة لتجنب ان تهدر البلاد الوقت وان تضغط بفعل اكراهاتها المالية لتدفع الى ان تسمح لعوامل اخرى في تحديد خيار الخروج وتقديم الاجابات.