لو تجاوزنا كل ذلك لقلنا بأن بلادنا إلى حدود هذه الأيام الأخيرة بصدد التصرف في الندرة وأنها استعملت أكثر من %90 من الجرعات المتوفرة لديها وأن النسق البطيء للتلقيح يعود إلى هذه الندرة إذ نجد أن المعدل اليومي للتلقيح منذ بداية الحملة مازال دون 20.000 جرعة يوميا (17854 تحديدا).
كل المعطيات المتوفرة اليوم تفيد بأن هذه الندرة وراءنا نسبيا وأننا سنحصل خلال الأسبوعين القادمين على ما لا يقل عن ضعف ما حصلنا عليه منذ أربعة أشهر ،أي حوالي 5 ملايين جرعة.
لاشك أن هنالك عناصر إيجابية قد تظافرت مع بعضها من أهمها تراجع الضغط العالمي على التلاقيح بما يسمح لنا بالحصول على عدّة هبات هامة من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية والجزائر وفرنسا والصين والشعبية وتركيا بالإضافة إلى المواد الطبية التي حصلنا عليها من مصر ومن قطر،ولكل هذه الدول ولغيرها التي ستقف معنا في محنتنا هذه كل الشكر دون أن يعني هذا أي تنازل سياسي أو ديبلوماسي ولا نخال أن هذه الدول الشقيقة والصديقة بصدد المقايضة وعليه يكون من اللائق بنا جميعا ألا ننخرط في أية حملة فايسبوكية فيها إساءة إلى كل من يمد لنا يد المساعدة ..
بالإضافة إلى هذا ستشهد اقتناءاتنا المباشرة أو عبر منظومة كوفاكس ارتفاعا ملحوظا كذلك وهذا جهد ينبغي علينا أن نواصل فيه دون هوادة حتى نلقح كل التونسيين شيوخا وكهولا وشبابا ومراهقين أي حوالي 9 أو 10 ملايين تونسية وتونسي أي ما لا يقل عن 18 مليون جرعة كل هذا في أجل لا ينبغي أن يتجاوز ثلاثة أو أربعة أشهر على الأقصى ،لأننا سنضطر بداية من نوفمبر القادم إلى تطعيم كل الملقحين بجرعة ثالثة نتيجة لتراجع المناعة بعد ثمانية أو تسعة أشهر من التلقيح الثاني .
لكي ننجز هذا الهدف ينبغي ألا يقل معدل التلقيح اليومي عن مائة ألف جرعة في الأدنى والأفضل أن يكون في حدود مائة وخمسين ألف جرعة،أي أكثر من خمس مرات ما نقوم به نحن اليوم ..
هل تملك منظوماتنا الصحية هذه القدرة التلقيحية اليوم ؟ اعتقادنا أنها قادرة على ذلك شريطة توظيفها بأقصى طاقاتها والاعتماد الكبير على تجربة الوحدات المتنقلة وتعميمها والاستفادة القصوى من القدرات الطبية واللوجستية لجيشنا الوطني .
تونس مصنفة اليوم منطقة حمراء من قبل جملة من البلدان العربية والغربية - حتى وإن لم يفصح بوضوح عن هذا التصنيف، -والسبب واضح فنحن بصدد تسجيل نسب تحليل إيجابية ووفايات هي من الأرفع اليوم في العالم، وتغيير هذه المعطيات نحو الأفضل وبسرعة ممكن لو تمكنا من هذا التلقيح الكثيف لكل التونسيين وإذا لم نكتف بهذا العدد الضعيف من المسجلين على منظومة ايفاكس (حوالي 3.3 مليون فقط) فنحفظ بذلك الأرواح وتتمكن البلاد من تنفس الصعداء ..
غني عن القول أن إنجاز هذا التحدي الكبير، -ولعله أكبر تحد لتونس منذ استقلالها، يقتضي وحدة صماء لمختلف أجهزة ومؤسسات الدولة وتضامنا بينها وتنسيقا مستمرا يضع كل الخلافات الشخصية والسياسية بين قوسين .
والطبقة السياسية الحاكمة خاصة وحتى المعارضة كذلك مطالبة بالابتعاد كلية عن كل تأثير سلبي على هذا الجهد الوطني كمناورة الحكومة السياسية لحركة النهضة أو تسريب إعفاء وزير الصحة وتعويضه بعبد اللطيف المكي الوزير النهضاوي السابق أو التشكيك في أرقام الوزارة وإحصائياتها كما عمد إلى ذلك مؤخرا الحزب الدستوري الحرّ..
المطلوب هو ألا ينصت رئيس الحكومة للعاب حزامه السياسي المتهالك على المناصب وأن يؤيد علنيّا وبوضوح وزيره الحالي وأن تضع رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة اليد في اليد دون خلفيات أو مناورات وأن تتظافر كل الجهود العمومية والخاصة لتجاوز هذه الأزمة الصحية والاجتماعية غير المسبوقة ثم يأتي بعد ذلك زمن المحاسبة والصراع السياسي .
أما الآن فمن لم يستطع نفع البلاد بجهد بيّن فلا أقل عليه من كفّ الأذى والعزوف - الوقتي -عن الاستثمار في الأزمة.
في مقاومة جائحة الكوفيد: حتى لا نهدر فرصة التلاقيح
- بقلم زياد كريشان
- 10:19 14/07/2021
- 1270 عدد المشاهدات
لو تجاوزنا عن مسألة التأخير في جلب التلاقيح وعلاقة ذلك بالأزمة السياسية التي تعصف بالبلاد ومختلف المسؤوليات المؤسساتية والشخصية المتداخلة ..