منها وهكذا نكون قد خرجنا من هذه المرحلة (الحجر الصحي الموجه) انطلاقا من يوم 29 جوان القادم.
بطبيعة الحال، وهذا ما أوضحته الحكومة في اكثر من مناسبة، نحن أمام الفرضية المثلى المتمثلة في رفع تدريجي للحجر الصحي الشامل دون ان يؤثر ذالك بصفة سلبية على تطور الحالة الوبائية في البلاد، ،لذلك تم اختيار تقيم هذه الفترة القادمة على اربعة مراحل باسبوعين لكل واحدة منها على اساس ان يتم التقييم الصحي خاصة بعد كل فترة ليحدد نسق المرحلة الموالية ترفيعا او تخفيضا أو حتى تراجعا الى الوراء، بعبارة اخرى ستتقدم البلاد بحذر نحو مرحلة جديدة المجهول فيها اكثر من المعلوم.
أهم هذه المجاهيل يتعلق بامكانية التحكم في انتشار العدوى من عدمه بداية بتقييم الوضع الوبائي الحالي والتراجع الواضح في نسبة تطور العدوى منذ بداية افريل كما يوضحه الجدول المرافق، فهل يعود هذا بالاساس الى جملة القرارات التي اتخذتها السلط العمومية (غلق الحدود والحجر الصحي الشامل ثم تعويض الحجر الذاتي بالحجر الوجوبي…) أم أن هنالك عناصر أخرى تفسر الضعف النسبي للعدوى في بلادنا وفي البلدان المشابهة لنا؟ هل نحن امام وضعية دائمة مرشحة بطبيعتها للتحسن مع اقترابنا من موسم الصيف أم أن درجات الحرارة والمناخ المصحاب لها لا علاقة لها البتة بفاعلية فيروس الكورونا المستجد؟
نقول ان الجهود المبذولة من قبل السلط العمومية كانت اساسية لانها استبقت الازمة قبل حدة وقوعها ولكن ما نلاحظ من تسيب عام منذ ما لا يقل على ثلاثة اسابيع كان ينذر بالخطر… ولكن رغم هذا فقد تجنبت البلاد كارثة بل بدات ملامح التحكم في الوباء بصفة واضحة والسؤال الاهم والأخطر هو هل سيتواصل هذا النوع من «المعجزة» التونسية أم أن الخروج النسبي من الحجر الصحي الشامل سيكون حاملا لمخاطر جديدة؟
لعلنا لن نجد الجواب الاولي عن هذا السؤال الا خلال الفترة الثانية من الحجر الصحي الموجه اي في الثلث الاخير من شهر ماي القادم لنعرف مدى تاثير العودة التدريجية للنشاط الاقتصادي وما يتبعه من نقل عمومي ومن اكتظاظ مهما كانت الاحتياطات والامكانيات التي ستضعها السلط العمومية…. ونقدر بان الحكومة ستجد صعوبة متفاقمة لاقناع الناس بالتوقي من هذا الخطر القائم عندما يلاحظ الجميع بان العدوى بصدد التراجع المستمر ولكن الاشكال هو في الفترة الفاصلة بين السلوك غير الملائم وظهور اعراض المرض او العدوى والتي تقدر بحوالي الاسبوعين… فالاساسي هو في مواصلة كل احتياطات التوقي من تباعد اجتماعي وكمامات وغسل اليدين باستمرار وتعقيم مواقع العمل ووسائل النقل بكل جدية حتى عندما تكون ارقام العدوى منخفضة للغاية لان كل تهاون او استهتار ستكون كلفته الصحية والمالية باهضة للغاية بعد اسبوعين أو ثلاثة.
ان اهم التساؤلات والمخاوف تتعلق بالفترة الاولى من الحجر الصحي الموجه اذ بقدر ما ننجح في الخروج التدريجي من الحجر الصحي الشامال بقدر ما نكون قادرين على بداية تصور تنظيم حياتنا الاقتصادية والاجتماعية والعائلية ما بعد الكورونا والتي لن تكون مطلقا شبيهة بما كان سائدا قبلها.
الخطر كل الخطر هو اعتقادنا اننا قد خرجنا نهائيا من هذه الازمة فهذا الاحتياط ينبغي ان يتواصل الى حين ايجاد العلاج الوقائي (اللقاح) أو الدوائي للفيروس.
لو نواصل النجاح في الحد من وطأة هذه العدوى سنكون قد وفرنا الظروف النعنوية الضرورية للنجاح في الحد من وطأة الازمة الاقتصادية والاجتماعية التي لا نظير لها في تاريخنا الحديث الاسابيع القادمة ستكون حاسمة لنا جميعا.