لكل من لا يملكون حلولا لتونس لا تترشحوا !

نستعير هذا العنوان من مضمون تدخل الأستاذ أحمد نجيب الشابي يوم أمس في إذاعة موزاييك..


بالطبع الترشح للتشريعية أو الرئاسية حق لكل تونسية وتونسي تتوفر فيه(ها) الشروط الدستورية للترشح ولكون عرض النفس على تصويت الناخبين ليس عملية بسيطة ولا ينبغي فقط أن يكون تلبية لرغبة نرجسية لا غير ..
بالطبع كل المترشحين من شخصيات ومن أحزاب وائتلافات ومستقلين يعتقدون ، حتما، أنهم يمتلكون حلولا للبلاد ولكن خبرة التونسيين بمختلف الانتخابات والمترشحين لها منذ سنة 2011 تثبت بأن الأغلبية من الذين تقدموا للتأسيسي أو للرئاسية والتشريعية في 2014 كانت ربما لديهم بعض الأفكار أو القناعات أو العقائد ولكن غابت عند جلّهم الحلول الاقتصادية والاجتماعية للبلاد..

فالحل يتجاوز الفكرة والمشروع الفضفاض لأنه يفترض التشخيص الدقيق وتقديم الحلول العملية الممكنة والقابلة بصفة فورية أو تدريجية للتطبيق ..
هنالك منطق نريد أن يقطع معه الجميع وهو الاكتفاء بالقول بأن الحل للمشاكل الاقتصادية والاجتماعية يكمن في مكافحة الفساد وإرساء الحوكمة الرشيدة وتغيير المنوال التنموي وغير ذلك من «شعارات المرحلة» التي تؤثث جل نقاشنا العام هذه السنوات الأخيرة ..

نعلم جيدا أن هنالك صراعات تموقع عديدة تشق الأحزاب والمستقلين والشخصيات الحزبية أو المستقلة للتواجد في قائمات وفي مواقع متقدمة عساها تصل إلى قبة باردو أو إلى قصر قرطاج في نهاية هذه السنة .. لكل هؤلاء نقول فكروا في الحلول العملية للبلاد قبل التفكير في الترشح..
المقاربة بالحلول هي إستراتيجية في حد ذاتها لأنها تستبعد منذ البداية التصورات الإجمالية بدعوى تقديم رؤية شاملة ومتكاملة وأن حل المشاكل الجزئية لا معنى له دون رؤية شاملة لكل قضايا المجتمع ..

لاشك لدينا بأن الرؤية الشاملة ضرورية لكل إصلاح فعلي وعميق ولكن المقاربة بالحل حتى وإن ركزت على المشاكل الملموسة فهي ولاشك تنم عن رؤية أشمل ولكن المهم هو أن نعلم مثلا الحلول التي تقترحها الأحزاب والشخصيات والمستقلون لدفع التنمية في البلاد وكيفية تمويل كل السياسات العمومية التي يقترحونها. كيف سنحد من المديونية بصفة ملموسة ؟ هل سيكون ذلك بالحد من الإنفاق العمومي ؟ وإن كان كذلك ففي أي مجالات بالضبط وبأية نسب ؟ أم سيكون ذلك بفرض ضرائب جديدة؟ أم بالبحث عن موارد جديدة كأموال التهريب مثلا ؟ ولكن كيف وبأية قوانين ووفق أية إجراءات وأي انعكاس لكل إجراء على ميزانية الدولة ؟..

أي حل لمعضلة الصناديق الاجتماعية ولمنظومة التقاعد ؟ هل نحافظ على النظام الحالي أم ندخل عليه تعديلات هامة ؟ وأي تعديلات ووفق أي روزنامة وما هي المردودية المالية والاجتماعية المرجوة ؟
ونضيف إلى ذلك معضلة إصلاح الإدارة من حيث نسبة الموظفين بالنسبة لحجم الاقتصاد وأية إستراتيجية للرقمنة وكيف ندير الصفقات العمومية؟
ومن المشاكل الحارقة أيضا المؤسسات العمومية بكل أصنافها والتي تتطلب حزمة من الحلول المتناسقة مع طبيعة نشاطها ..

ما هي الحلول للعجز التاريخي للميزان التجاري ؟ ونتحدث هنا عن الحلول الممكنة والتي لا تتضارب مع التزامات البلاد الدولية وإن كنا نريد الانسحاب من هذه الاتفاقيات التي تنظم التجارة العالمية فعلينا أن نقترح البديل الممكن ووفق أية آليات !
هذا دون الحديث عن الملفات الأساسية في الفلاحة والصناعة والخدمات والصناعات الاستخراجية ودون الحديث أيضا عن الإصلاحات العميقة للمدرسة ولمنظومة التكوين وللصحة ولهندسة المدن..
هذه بعض مشاكل تونس المستعجلة وقد تكون الحلول غير مباشرة ولكن المهم أن تكون واضحة ودقيقة ومرقمة بمعنى انها تقدر جملة النفقات الضرورية وأبوابها وتناسق كل هذه الحلول وتكاملها..

الحزب أو الجهة أو الشخصية التي لم تفكر في كل هذا وتريد فقط أن تلعب على بعض الشعارات أو على مسائل الهوية والايديولوجيا قد تحصل على بعض المقاعد بل وقد تنتصر في الانتخابات القادمة ولكنها ستجد نفسها غدا أمام هذه المشاكل الكبرى وستطبق حلولا لم يتم إعلانها ولم يتم اخذ التفويض الشعبي لتطبيقها فتعد الناس بجنات النعيم ثم نطبق عليهم حلولا يقال عنها انها موجعة ..

تعرف منظومات الجودة بالشعار التالي :

نقول ما نريد فعله ونفعل ما قلناه ..
المفروض أن نطبق هذا المبدأ على السياسة أيضا فنقول أثناء الحملة الانتخابية ما سنطبقه لو منحنا الشعب ثقته ثم تطبيق ما وعدنا به فقط لا غير ..
لو أردنا تجسير الثقة بين التونسيين وبين طبقتهم السياسية لكان لزاما علينا أن يسلك عموم السياسيين طريق الجدية والنزاهة ..

من كان له حلول للبلاد فأهلا وسهلا به وذلك ايا كانت هذه الحلول ما دامت جدية وواقعية ومتناسقة أما من يريد المشاركة فقط لمجرد المشاركة فسيسهم بوعي أو دون وعي في شرذمة الساحة السياسية وفي هزالها أيضا.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115