بين وفد وزاري ووفد الجامعة العامة للتعليم الثانوي والثاني على بعد بعض مئات الأمتار بالقصبة بين وفدي اتحاد الشغل والحكومة حول المفاوضات الاجتماعية في الوظيفة العمومية.. والرهان في الاجتماعين هو نزع فتيل أزمة خانقة تهدد البلاد بسنة بيضاء لحوالي 900.000 تلميذ في الإعدادي والثانوي وتوتر اجتماعي متصاعد عند أجراء الوظيفة العمومية والمؤسسات العمومية و ما ينتج عن ذلك من شلل اقتصادي واحتقان اجتماعي.
ماذا يمكن أن ننتظر من هذين الاجتماعين ؟
أولا وقبل كل شيء هو العودة الطبيعية للدراسة في الاعداديات والثانويات فنحن فعلا أمام الفرصة الأخيرة قبل الكارثة إذ لو أفضت مفاوضات يوم الاثنين بباب بنات إلى الفشل فذلك سيعني دون أدنى شك دخول مرحلتي الإعدادي والثانوي في سنة بيضاء وعندها ستفتح البلاد على المجهول إذ لا احد بإمكانه أن يتوقع الكيفية التي سيرد بها الفعل التلاميذ وعائلاتهم وقد يحصل ما لا تحمد عقباه ..
نحن نعلم جيدا أن هنالك مساعي حميدة عديدة دخلت للتوسط بين الطرفين ونذكر من بينها بالخصوص السيد عبد الباسط بن حسن رئيس المعهد العربي لحقوق الإنسان.
ويبدو أن هذه الوساطات قد أثمرت وكانت نتيجتها الدعوة التي وجهها وزير التربية لإجراء جلسة تفاوضية يوم الاثنين 28 جانفي ..
ولكن رغم بعض التهدئة النسبية التي لاحظناها هذه الأيام الأخيرة فإن منسوب الحدة مازال مرتفعا ولا شيء يضمن تحكم الطرفين المتفاوضين في أعصابهما وخروجهما بسرعة باتفاق ينهي الأزمة..
ولكن رغم هذه المخاوف فالواضح أن مصلحة الجميع هي في وضع حد لهذه الأزمة وفي الوصول السريع إلى حل مشترك وإلا لخرج الطرفان منهزمين ..
لاشك أن هنالك تأثيرا متبادلا بين اجتماعي باب بنات والقصبة وأن تقدما هنا قد يدفع إلى تقدم هناك ولكن وكما يرى ذلك بعض الفاعلين في الوساطة الحالية في أزمة التعليم الثانوي فلابد من الفصل بين المسارين ، إذ لا نملك مزيدا من الوقت في أزمة التعليم الثانوي بينما مازال هنالك متسع من الوقت نسبيا لإيجاد اتفاق في الوظيفة العمومية ..
في المحصلة الأكيد الاكيد هو الخروج باتفاق بين وزارة التربية والجامعة العامة في التعليم الثانوي إما يوم الاثنين القادم أو في اليومين المواليين على الأقصى وحينها بإمكان الحكومة والمركزية النقابية التركيز الكلي على المفاوضات في الوظيفة العمومية ..
قد يكون الاتفاق أعسر في هذه المفاوضات إذ يبدو أن الطرفين متشبثان بموقفيهما باعتبارهما يمثلان تنازلاتهما القصوى وأنهما لا يستطيعان تقديم الأفضل ..
ما نخشاه في هذه المفاوضات هو تحولها إلى لعبة بوكير كاذب يلعب فيها كل طرف على أعصاب الطرف الآخر وقدرته على التحمل أو تنازله تقديرا لمصلحة ما .. فالواضح أن الحكومة والقيادة النقابية هما الآن على المحك وفشل المفاوضات لا يخدم أي طرف ولكن لا احد يريد أن يخرج خاسرا في عملية لي الذراع هذه ..
المنطقة الوسطى هي الحل، أو لنقل الحل الوقتي لهذه السنة ..
يوم الاثنين 28 جانفي ستدق ساعة الحقيقة لهاتين الأزمتين الكبيرتين فإما الخروج من فوق أو البقاء في حلقة مفرغة تهدد الاستقرار الاجتماعي للبلاد..
مسؤولية الأطراف المتفاوضة كبيرة للغاية ولن يخرج منها فائز واحد في صورة الفشل .