109

مازالـت تونـــس تعيش على وقع معارك السياسة السياسوية وما يتبعها

من تموقعات وتحالفات وتغيير تحالفات وكل ذلك من أجل إيجاد الوصفة السحرية في انتخابات 2019..

ولكن في الانتظار فما زلنا في مرحلة ما يمكن أن نسميه بمعارك الـ109 وهي كلها معارك تتعلق بتأكيد أو بالطعن في شرعية حكومة يوسف الشاهد وكل طرف يطلب من الآخرين إثبات الشرعية من عدمها ..

يبدو أن الصراع بين رأسي السلطة التنفيذية ما فتئ يحتد ويشتد وأن الدوائر المقربة من رئيس الدولة حزبيا وعائليا مصرة على الإطاحة بحكومة يوسف الشاهد إمّا عبر إسقاط التغيير الوزاري المرتقب أو بتفعيل رئيس الدولة للفصل 99 من الدستور والقاضي بعرض الحكومة على رئيس المجلس والمسالة كل المسالة تتمحور حول إمكانية وجود أغلبية نيابية (109 نواب فما فوق) مع رئيس الحكومة أو ضده ..

اليوم الصورة واضحة نسبيا داخل مجلس نواب الشعب : ثلاث كتل تساند بوضوح رئيس الحكومة وهي كتل النهضة والائتلاف الوطني ومشروع تونس والمجموع النظري لنواب هذه الكتل الثلاث هو 120 نائبا وان كان هذا العدد كافيا مبدئيا للتصويت على منح الثقة للحكومة في صورة تفعيل رئيس الدولة للفصل 99 أو للتحوير الوزاري ولكن هذه الأغلبية غير مطمئنة بالمرة لأنه يكفي غياب 10 % من نواب هذه الكتل لكي ينزل العدد تحت الرقم السحري 109 وغياب %10 او أكثر هو مسالة واردة جدا مهما كانت التعبئة لكل هذه الكتل ..
هذه الأغلبية الهشة لفائدة رئيس الحكومة تجعل اليوم الصراع مستعرا بين الشقين المتصارعين في السلطة من اجل استقطاب كتل او أفراد من الفريق المنافس ..

القيادة الجديدة للنداء بعد تدعمها بنواب الوطني الحر تسعى جاهدة لاستقطاب بعض عناصر كتلة الائتلاف الوطني ويبدو أن المفاوضات على أشدها مع حركة النهضة او مع بعض نوابها من اجل «تحييدهم» يوم التصويت .. كما أن التنافس شديد حول النواب الأحد عشر لكتلة الولاء للوطن لاستمالتها لأحد الطرفين يوم الحاجة إليها ..

نحن أمام حرب سياسية فعلية غاية الطرفين فيها هزم الاخ اللدود بالضربة القاضية إذ الأساسي بالنسبة لرئيس الجمهورية ولكل الطيف السياسي المصطف وراءه اليوم الإطاحة بحكومة الشاهد لا لكونها حكومة فاشلة ولكن لأن الإطاحة بها اليوم ستبعثر أوراق الشاهد السياسية وقد تضعف من حظوظه لتقديم مشروع حزبي أو جبهوي قادر على الفوز في الانتخابات القادمة لأن هنالك تقدير ، ليس خاطئا ضرورة ، بأن بقاء الشاهد في الحكم يخدم مشروعه ويقوي من حظوظه بينما الإطاحة به قبل موفى سنة 2018 سيضعفه ولاشك وسيجعله يتعرض لضربات قوية وهو خارج السلطة ودائرة الأضواء ..

وتقدر كل هذه الأوساط المناوئة للحكومة الحالية بأن معركة الـ 109 اليوم مصيرية اذ لو ربحها الشاهد وأغلق قوسي شرعية حكومته فسيكون في طريق مفتوح للاستحقاقات الانتخابية لـ2019. لا يستطيع أحد أن يتكهن بمصير معركة الـ109 رغم أن الكفة تميل حسابيا لصاحب القصبة ولكن أغلبيته ضعيفة وتحتاج إلى تعبئة استثنائية يوم التصويت.
ولكن هذا يفترض أن التحوير الوزاري، الجاري التحميل حسب عبارة صاحب القصبة، سيرضي هذه الكتل الثلاث وخاصة كتلتي النهضة والمشروع ، وإرضاء الأحزاب وإن كانت غاية تدرك بالمحاصصة ولكنها عادة ما تغضب الرأي العام فحكومة محاصصة ليست هي أفضل يافطة يتقدم بها الشاهد للإعلان غير المباشر عن مشروعه السياسي ..

كل المؤشرات تدل على أن تاريخ هذه المعركة لن يتجاوز النصف الأول من شهر نوفمبر القادم وأيا تكن نتيجتها فالأكيد أن المعركة القادمة في صورة بقاء حكومة الشاهد ستكون معركة الميزانية داخل اللجان وخاصة في الجلسة العامة ثم سنرى فيما بعد معارك أخرى بين هذين الشقين اللدودين على امتداد كامل هذه السنة السياسية التي لن تنتهي إلا بأداء رئيس الجمهورية المنتخب اليمين الدستورية ..

ولكن الخطر كل الخطر ألا تشهد بلادنا في هذه السنة الحاسمة إلا المعارك السياسوية وننسى مرة أخرى جوهر السياسة : صراع الأفكار والمشاريع ..

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115