اليوم في أول تجربة لهم: الأمنيون و العسكريون والمذاق الأول للبلديات...

سيكون الأمنيون والعسكريون اليوم على موعد مع أوّل مشاركة لهم في تاريخ تونس في استحقاق انتخابي و سيكون ذلك في أوّل انتخابات بلدية

في الجمهورية الثانية في ظل الدستور الجديد الّذي أسّس للحكم المحلي و كان قانون الجماعات المحلية أساسا له .

هذا القانون الجديد تمت المصادقة عليه من طرف أعضاء مجلس نواب الشعب يوم الخميس 26 أفريل الجاري بأغلبية 147 نائبا ، و هي مصادقة بدت «سريعة» كذّبت كل التوقعات الّتي رجّحت تأخر صدور مجلّة الجماعات المحلية لما بعد ماي 2018 استنادا إلى ما شهدته نقاشات المشروع والمداولات حوله من تعثّر و اختلاف وجهات النظر بخصوص عدد لا يُستهان به من النصوص .

اليوم سيتوجّه إذن الأمنيون و العسكريون إلى مكاتب الاقتراع للإدلاء بأصواتهم لانتخاب أعضاء المجالس البلدية في المناطق التابعين لها ، وذلك بعد أخذ و رد حول هذه الإمكانية الّتي وقع استبعادها في المطلق في البداية ، ثمّ تم حصر هذا الحق في الانتخابات البلدية و الجهوية فقط ، وهو حق وقع إقراره بعد تعديل القانون الانتخابي بمبادرة من كتل أحزاب نداء تونس و آفاق تونس والجبهة الشعبية و الحرّة بصيغ مختلفة في 31 جانفي 2017 بمصادقة أغلبية برلمانية ب144 صوتا بخصوص مشاركة القوات الحاملة للسلاح في الانتخابات والاستفتاء .

هذا الحق في المشاركة في الانتخابات كان محل معارضة على خلفية أن الجيش والأمن الجمهورييْن قوّتان مُلزمتان بالحياد التّام ويُخشى من إقحامهما في نطاق التنافس السياسي الّذي يشكّل خطرا على مبدأ الحياد . و لكن تمّ إقرار هذا الحق بعد أن وضعت شروط ممارسته و كان ذلك بخصوص ترسيم الناخبين العسكريين وأعوان قوات الأمن الداخلي في الانتخابات البلدية والجهوية بسجل خاص بهم دون تمكينهم من حق الترشح والمشاركة في الحملات الانتخابية والاجتماعات الحزبية و في كل نشاط له علاقة بالانتخابات مع تسليط عقوبة العزل بقرار من مجلس الشرف أو التأديب لمن لا يحترم الشروط المذكورة . كما وضعت شروط خاصة لعمليات الاقتراع، تراعى فيها خصوصية الأمنيين والعسكريين و طبيعة أعمالهم و مهامهم و ما يستلزم بعضها من سرية و تحفّظ، من ذلك عدم تعليق قائمة الناخبين في مدخل مركز أو مكتب الاقتراع المخصص للناخبين من الأمنيين وعدم توقيعهم بالبصمة .

هذه المشاركة الأولى من نوعها سيسجلها التاريخ للخطوة الّتي خطتها تونس في تمتيع كل فئات الشعب من ممارسة حق اختيار من يمثلهم في الشأن البلدي و الجهوي ، و هو شأن لصيق بمواطنتهم و أُعتبر غير مرتبط بأدائهم لواجباتهم في المجالين الأمني و العسكري. وستكون للمشاركة في استحقاق اليوم ، أهمية خاصّة لأخذ فكرة عن مدى تفاعل الأمنيين والعسكريين مع تمتيعهم بهذا الحق ، و عن كيفية تعبيرهم عن الموقف من هذا التشريك الّذي فرضه التشريع الجديد.

فهذه التجربة الأولى ستمكّن من الاطلاع على مدى تحمّس هذين السلكين للمشاركة في اختيار من يضطلعون بتسيير جانب هام من السلطة المحلية و هي إمكانية لا تتوفر لهم في اختيار بقية السلطات المسيّرة لشؤون الدولة ، باعتبارهم جزءا لا يتجزّأ من الدولة . و لئن لن يكون بالإمكان التعرّف على نسبة المشاركة بصفة رسمية ، غير أنه يمكن رصد هذه النسبة من خلال الإعلام والملاحظين الّذين سيتابعون بداية هذا الاستحقاق البلدي دون أن ننسى أن أجواء الحملة الانتخابية الّتي رغم انخراط الإعلام فيها بالومضات التحسيسية وبنقل صوت المترشحين ،بدت إلى اليوم فاترة على مستوى الاتصال المباشر و على مستوى أجوائها العامّة، فهل يكون انضباط الأمنيين و العسكريين عكس النسق العام؟

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115