أخبار تفيد بأن البلاد مازالت تشتغل ومازالت قادرة على الانجاز والتحسن ..
الأخبار السارة تأتينا هذه المرة من أرقام التجارة الخارجية لشهر فيفري 2018 ..هذه الأرقام التي ستصدر بصفة رسمية عن المعهد الوطني للإحصاء في أواسط الأسبوع القادم ونحن نقدم لقراء المغرب وبصفة حصرية أهم نتائجها وأبرزها على الإطلاق هو التحسن الكبير للتصدير بالأسعار الجارية (أي دون اعتبار التضخم ) إذ نجد أن شهر فيفري 2018 قد حقق تحسنا بحوالي %47 مقارنة بفيفري 2017 في حين أن التوريد لم يتطور إلاّ بـ%23 ممّا يعطينا نسبة تغطية للشهر الماضي بأكثر من %77 في حين أن هذه النسبة كانت %65 في فيفري 2017..
لاشك أن سنة 2017 كانت سيئة من ناحية تجارتنا الخارجية حيث سجلنا فيها رقما قياسيا في عجزنا التجاري تجاوز 15.5 مليار دينار ولكن حتى عندما نقارن بسنة 2016 والتي كانت أفضل من لاحقتها فان نتائج بداية هذه السنة تبدو أفضل إلى حدّ الآن على الأقل على مستوى التصدير أما في ما يتعلق بالعجز التجاري فقد تجاوزنا خلال هذين الشهرين الأولين 2.2 مليار دينار وهذا ما يعطينا عجزا سنويا افتراضيا بحوالي 13 مليار دينار في صورة تواصل تحسن نسق التصدير على امتداد كامل السنة ..
لو دققنا في تطور مختلف القطاعات لوجدنا أن التحسن قد شملها جميعا باستثناء قطاع المناجم والفسفاط ومشتقاته والذي تراجع بحوالي %35 في فيفري 2018 دوما مقارنة بنفس الشهر من السنة الفارطة ،في المقابل عرف قطاع الطاقة قفزة استثنائية بأكثر من %240..
ولكن ينبغي ملاحظة أن هذين القطاعين الهامين واللذين كانا من مصادر قوة تونس لا يمثلان معا في فيفري 2018 سوى %8 من مجموع صادراتنا واقل من نصف صادراتنا من الفلاحة والصناعات الغذائية ..
والأغرب من كل هذا أن ميزاننا التجاري في المناجم والفسفاط يكاد يساوي الصفر أي أننا نستورد اقل بقليل مما نصدر أما في الطاقة فنحن نستورد أكثر من ثلاثة أضعاف ما نصدر ..
المهم والمطمئن في أرقام التصدير في شهر فيفري هو حسن أداء كل صناعاتنا المعملية والتي تراوحت نسبة الزيادة فيها من %23 بالنسبة للنسيج والملابس الى حوالي %60 للمنتوجات الكهربائية والتي تمثل لوحدها %28 من مجموع صادراتنا كما يوفر ميزانها التجاري حوالي 300 مليون دينار خلال شهر فيفري لوحده ..
رغم هذا الجهد وهذا التحسن الهام في أدائنا التصديري يظل ميزاننا التجاري منخرما بصفة هامة إذ تجاوز ،كما أسلفنا ، 2.2 مليار دينار خلال الشهرين الأولين لهذه السنة كما يخشى من تواصل تراجع قطاع المناجم ومشتقاته واضطرارنا لاستيراد الفسفاط لأول مرة في تاريخنا المعاصر ..ولا ننسى كذلك أن القطاع المصدر كليا ينتج أكثر من %70 من مجموع صادراتنا وأن البلاد مضطرة بحكم التزامها الكتابي مع الاتحاد الأوروبي أن تراجع بعض الاجراءات الجبائية التحفيزية لهذا القطاع مما قد يؤثر سلبا على حيويته وجاذبيته في المستقبل المنظور ..
ولكن رغم هذه المخاوف فلا يمكن ألاّ نسجل التعافي النسبي لآلتنا الإنتاجية وخاصة في مختلف قطاعات الصناعات المعملية ،وكما نعلم جميعا فان الاقتصاد يقوم على عنصر الثقة في المستقبل وان النجاح ينتج النجاح ..يبقى أن نحرص من الآن على تفادي الثغرات وخاصة في قطاع الطاقة والمناجم وان نعود فيهما إلى الإنتاج بأقصى سرعة ممكنة حتى نتحكم في عجز ميزاننا التجاري وبالتالي في قيمة العملة الوطنية وفي التضخم أيضا ..
نتائج ايجابية ينبغي إسنادها ودعمها فمستقبل تونس اقتصاديا واجتماعيا مرتبط بصفة جوهرية بحيوية قدرتنا التنافسية في الأسواق العالمية .. وهذا ما يخلق الثروة الحقيقية ومواطن الشغل الفعلية..