اليوم بدأنا في مناقشة أول هذه الإصلاحات «الموجعة» وهي منظومات التقاعد.. والواضح أننا سنأخذها من جانبها الأقل إيلاما وهو الترفيع الاختياري في سن التقاعد...
خسائر خيالية
قدّمت الحكومة منذ ثمانية أشهر مشروع قانون يتعلق بإدخال بعض التنقيحات على نظام الجرايات المدنية والعسكرية للتقاعد وهو اليوم بصدد النقاش داخل لجنة تنظيم الإدارة وشؤون القوات الحاملة للسلاح...
نتجاوز، مبدئيا، معضلة الحيّز الزمني الهام بين تقديم مشاريع القوانين ومسار المصادقة عليها.. وهذا ما يسبب في حالات كثيرة لخبطة أوراق الحكومة لا سيما عندما يتعلق الأمر بمشاريع قوانين لها انعكاسات مباشرة على المالية العمومية...
الإجراء الأساسي، وشبه الوحيد، في هذا المشروع هو الترفيع، اختياريا، في سن التقاعد لدى أعوان الدولة من 60 سنة إلى 65 سنة والغاية من ذلك – حسب مذكرة شرح الأسباب – هي التقليص من العجز المتفاقم لصندوق التقاعد والحيطة الاجتماعية.
يقول السيد محمود بن رمضان وزير الشؤون الاجتماعية في الحوار الذي خصّ به يوم أمس «المغرب» بأن خسائر الصندوق في مجال التقاعد قد بلغت سنة 2015 1,1 مليار دينار وأنها سترتفع إلى حدود 6 مليار دينار سنة 2021 لو أبقينا منظومة التقاعد على ما هي عليه الآن...
ثم يؤكد الوزير بأن الترفيع الاختياري في سن التقاعد بخمس سنوات هو حلّ وقتي يسمح لنا بالحدّ من حجم هذه الخسائر الهائلة ولكنه لا يوفر بطبيعة الحال التوازن الضروري بين المداخيل والمصاريف...
لم نناقش إلى حد اليوم بصفة جدية على مستوى الرأي العام مسألة منظومة (أو بالأحرى منظومات) التقاعد في بلادنا لنرى مكامن الخلل ومواطن الإصلاح كذلك.. وأحيانا يعتقد بعضنا أنه عندما يقول بأن عجز الصناديق الاجتماعية يعود إلى فساد فيها وفي تسييرها أنه قد حلّ المشكلة، بينما القضية أخطر وأعمق من ذلك بكثير...
تحول هيكلي.. ومنظومة سخية
نذكّر ببعض الأرقام الأساسية، وقد جاءت كلّها في مذكرة شرح أسباب مشروع القانون هذا، لنتبيّن التغيير الهيكلي في المؤشرات الأساسية لهذه المنظومة خلال الثلاثين سنة الفارطة...
• في سنة 1985 كان لدينا 5,9 منخرط نشيط على كل متمتع بجراية التقاعد.. اليوم (وتحديدا سنة 2013) نزل هذا الرقم تحت ....