بل تحوّل إلى حملة منظمة لدعم مرشحات الاتحاد في الانتخابات وللضغط على أصحاب القرار. وتهدف هذه الحملة إلى حث الرجال على مراجعة سياساتهم والنظر إلى زميلاتهم في الكفاح على أنّهن شريكات في النضال وكذلك في تقلد مواطن صنع القرار ولهن الكفاءة المطلوبة.
وبالرغم من التنصيص في الفصل الثّالث على أهمية الحضور النسائي في هياكل المنظمة النقابية ، وفي الفصل العاشر على ضرورة التداول على المهامّ النّقابيّة و تركيبة المؤسّسات التنفيذيّة إلاّ أن تسييج التمثيل النسائي في صلب المؤسسة العريقة ملفت للانتباه لاسيما وأنّه يعكس الفجوة بين النص والممارسة،من جهة، والنص والعقليات السائدة، من جهة أخرى .
ويدفعنا هذا التحرك الاحتجاجي النسائي إلى طرح مجموعة من التساؤلات:
• إن كان لا أحد ينكر نضال النقابيات وكونهن يمثلن 50 بالمائة من القاعدة فلماذا نجد كلّ هذه المقاومة الشرسة لدخول النساء إلى مؤسسات القرار؟
• ما جدوى الفصل العاشر إن كانت النساء غير معنيات بالمشاركة في الترشح لتقلد أعلى المناصب؟ فهل معنى ذلك أنّ التداول في أعلى الهرم ممارسة تخص الرجال فقط؟
• في تاريخ الاتّحاد العامّ التّونسي للشّغل محطات ... وأزهى محطة هي ما يعيشه النقابيون خلال السنوات الأخيرة والذي كلل بجائزة نوبل للسلام فلِمَ يخشى النقابيون، ويتحفظون، ويترددون، ويمانعون، ويرفضون...الاستجابة لمطالب النساء وهنّ رفيقات النضال؟
من المهم بمكان الإنصات إلى ردود فعل عدد من النقابيين والتوقف عند المبررات التي يستندون إليها للدفاع عن وجاهة قراراتهم ، وبلغة أخرى ، عن امتيازاتهم.يفسر هؤلاء إقصاء النساء عن دوائر السلطة الفعلية بأنه ليس ممارسة تمييزية على أساس الجندر بل هو ‹استبعاد› غايته حماية النساء اللواتي يمثلن الأم والأخت والزوجة...من العنف اللفظي والمادي السائد في عالم الرجال ، وهو أمر يفضح نمط العلاقات السائدة داخل الاتحاد ويثبت فشل المسيرين في تغيير الممارسات ومكافحة العنف وتغيير الذهنيات، فلا معنى حينئذ للانخراط في أية عملية ديمقراطية طالما أننا نعترف بأن «الماكينة» تفرض استعمال وسائل غير شريفة وغير أخلاقية ....أمّا مبرّر «فهل ترضاه لأختك وابنتك وزوجتك؟» فإنّه ينم عن تصور سلبي لمناخ العمل النقابي ومن ثمة يتعين على ‹القواميين› أن يحموا نساءهم من التلوث بالدنس هذا بالإضافة إلى ما يستتبع ذلك من تمثلات تحاصر النقابية التي تحتك بالعالم الذكوري.
وعلاوة على ما سبق يحتج أغلبهم بأن العمل النقابي يتطلب الحضور المستمر وسهر الليالي الطوال والتنقل على عين المكان وكلها أنشطة تثقل كاهل المرأة وتعرضها للمخاطر وتلهيها عن مسؤوليتها الأساسية وهي الرعاية وخدمة أفراد أسرتها...وهنا يقرر الرفاق الفصل بين أزمنة العمل على أساس الجندر، ويحددون ، نيابة عن الرفيقات، ما يلائم المرأة وما ينسجم مع مكوناتها البيولوجية ويضبطون أدوارها الأساسية على افتراض أن جميع النساء متزوجات وأمهات...وهكذا يسود تنميطهن وتذويب الفروقات بينهن.
لا مراء في أنّ هذه الحجج ترسخ التمثلات الاجتماعية: المرأة الضعيفة التي تحتاج إلى من يحميها ويضرب الوصاية عليها بدعوى الحفاظ على مكانتها... في مقابل الرجل القادر على الوقوف بوجه العنف والصعوبات... كما أنّ هذه المبررات تؤكد بما لا يدع مجالا للشك شيوع عقلية موغلة في المحافظة في صلب أعرق منظمة مما يجعلنا نتساءل : متى تهبّ رياح التغيير؟ ومتى يدرك النقابيون روح التغيير الاجتماعي والقيم التي تحكمه؟ وما الفرق بين الجيل القديم والجيل الجديد في النظر إلى استحقاقات النساء؟
ليست تمثيلية النساء في صلب الاتحاد منّة أو «مزيّة» إنّما هي حقّ ولن تسكت النقابيات عن حقهن المسلوب و«ما ضاع حق وراءه طالبة».