في كل ذكرى سابقة يذكرنا شبابنا بان المطالب التي انتفضوا من اجلها لم يتحقق منها الكثير..
وفي كل ذكرى نسعى جاهدين لرصد المكاسب فلا نجد سوى حرية الرأي والتعبير وبداية انتظام المؤسسات الديمقراطية والانتخابات النزيهة والتداول السلمي على السلطة.. هذه المكاسب ضخمة دون ريب وسوف تذكرها كل الأجيال القادمة..ولكن جل الناس في كل بلاد الدنيا لا يقيمون الوضع العام إلا من خلال انعكاسه على محيطهم المباشر..وفي هذا لا تزن السنوات الست الماضية كثيرا..
لاشك أن للانتقال الديمقراطي ثمنا لابد من دفعه وان كل تحول جذري في منظومة الحكم قد يتطلب زهاء العقد من الزمن يتم امتصاصه لتتحول الديمقراطية السياسية إلى نمو اقتصادي والى تنمية اجتماعية..
وهذه المرحلة الدقيقة تتطلب صبرا كبيرا ونضجا من الطبقة السياسية حتى لا يذهب اليأس بجزء من المجتمع إلى المطالبة بتقويض التجربة الديمقراطية ذاتها..وتتطلب أولا وقبل كل شيء وعيا مرهفا بأهمية الوقت وبألا نضيعه في مهاترات لا معنى لها وألا تنغلق النخب السياسية والإعلامية والنقابية والجمعياتية والثقافية على نفسها معتبرة أن وحدها القضايا التي تعنيها هي القضايا التي تستحق النقاش والجدل والانقسام حولها..
هذا الانغلاق على الذات قد يصل إلى التوحد(autisme)السياسي ويعمّق الشرخ بين النخبة السياسية وعامة أصناف الشعب التونسي..
يكفي أن نجيل النظر في خلافات القبائل السياسية والاجتماعية والمهنية المحيطة بنا حتى ندرك الكم الهائل من الوقت المهدور من الجميع..
انظروا كم أضعنا من وقت وجهد وطاقة ومازلنا في إرساء المجلس الأعلى للقضاء..هذه المؤسسة التي كان من المفروض أن ترى النور في شهر ماي 2015.. ها نحن بعد أكثر من سنة ونصف من.....