والاعتراضات القوية عليه والتي عبّرت عنها المنظمات الاجتماعية والمهنية والحوار الجاد حول الوضع العام بالبلاد ومستوى مديونيتنا الخارجية وأيّة عدالة جبائية لمختلف القطاعات المنظمة...
في ظل كل هذا كنّا ننتظر حركية استثنائية للأحزاب السياسية سواء أكانت في الحكم أم في المعارضة... ولكن كم كانت صدمة التونسيين كبيرة عندما شهدنا غيابا شبه كلّي لجلّ مكونات المشهد الحزبي في البلاد والحال أن المسائل المطروحة للنقاش مسائل حيوية تهم مصير البلاد والعباد وهي في عمق المشغل السياسي لا في هامشه...
كنا نتوقع من أهم أحزاب الحكم والمعارضة آراء ومقترحات حول التحديات الكبرى التي نعيشها بدلا من الاكتفاء بمعركة عقائدية حول مسائل تبقى جزئية رغم أهميتها كواحة جمنة...
كيف نحدّ اليوم من المديونية المتفاقمة للبلاد؟ كيف نرسي عدالة جبائية بين مختلفات مكونات الاقتصاد المنظم في البلاد؟ ما هي الحلول العملية لإقحام ما يمكن إقحامه من الاقتصاد الموازي في الدورة القانونية؟ ما هي الآليات القادرة على مكافحة الفساد؟ كيف ندفع بالنمو في البلاد بعد أن تعطلت أهم محركاته؟ كيف نصلح المنظومات الاجتماعية بضمان ديمومتها دون إثقال كاهل دافع الضرائب بضرائب جديدة؟ ما هو التصرف الأمثل في مختلف أملاك الدولة من عقارات ومنشآت ومساهمات؟
هذه بعض الأسئلة الحارقة لتونس اليوم ومن حق البلاد أن تنتظر من القيادات السياسية الحزبية أفكارا جديدة ومقترحات عملية وتصورات جامعة لكل هذه الأزمات.. لا نبالغ عندما نقول بأننا لم نستمع إلى شيء يذكر.. استمعنا فقط إلى آراء الحكومة ونقابتي الشغالين والأعراف وعمادة المحامين... وهذا منطقي ومعقول ولكن الديمقراطية تبنى بالأحزاب وهي مخبر الأفكار والمقترحات والتصورات تعرضها لنيل ثقة الناخبين فإن حازتها تضعها قيد التطبيق وإن أخفقت تواصل في تجديد بدائلها ومقترحاتها عساها تقنع بها جموع المواطنات والمواطنين في المناسبات الانتخابية القادمة...
بعض المواطنين يتساءلون، بصفة جدية، لمَ لا نكتف بحزبين كبيرين فقط في البلاد.. اتحاد الشغل واتحاد الصناعة والتجارة ونستغني عن البقية؟!!
في هذا التساؤل الوجيه حيرة واستنكار لأننا لم نجد تفكيرا وآراء في المشاكل الاقتصادية والاجتماعية الجادة التي......