هنا نقول: أن يفاجئ المثقفين أكثر ويربك الجهات بزيارات لا نمطية حتى تقلّ الاستعدادات ويضمحل كرنفال الكريطة...هكذا سيرى الجهات كما هي ومن ثمّة تعديل المشهد الثقافي المهزوز في بعض الجهات والذي أصابه الزهايمر في جهات أخرى... الزيارات إلى الجهات لا يجب أن تكون كلها رسمية... كما أدعوه إلى التحرّر من سطوة العاصمة حيث يسهل الضغط على كل الوزراء واصطناع المشاريع والمعارك في ظل التغطية الإعلامية لكل عطسة ثقافية..
الجهات ليس لها مشروع ثقافي حتى الآن ويجب أن تقع مساعدتها على كتابة مشاريعها وإلا ستكون المطالب ذاتها: «عروضا كبرى» للمهرجانات الصيفية وتنافسا على برمجة «المجرّد» والأجرد ... حضور الثقافة في الأرياف والجبال يجب أن يتجاوز العرض السنوي بمناسبة أيام قرطاج والعاصمة الثقافية للولاية ليست بالضرورة مركز الولاية... «افينيون» ليست مركز ولاية و»كان» و»آرل»...
العاصمة الثقافية يمكن أن تكون قرية فذلك لا يشترط عددا معينا من الحمّاصة وحوانيت الشاورمة (مع احترامنا لكل مهنة) وفي الجهات غليان دون مشروع واضح ومبالغة في الحديث عن التهميش الثقافي فعندما توفرت المليارات في صفاقس كثرت الخصومات والتحالفات مع الأسف مما كاد أن يفسد عرسا ثقافيا دوليا.. ما يعني أن الجهات يمكن أن تكون مسؤولة أيضا عن تهميشها... أما المراهنة على الفعل الثقافي البديل فليكن مدروسا لان البعض اتخذها مجرّد موضة.. وقد تتناسل الفضاءات «الانتهازية» إذا توفر الدعم ولن نستغرب أن تتم إلحاق صفة «ثقافي» بكل حانوت... حمام ثقافي... فطايري ثقافي ملتزم.. حمّاص وجودي.. شاباتي تشكيلي.. نجّار تكعيبي..
تونس تحتاج مسلكا ثقافيا جديدا بعيدا عن الطرق السيّارة والطرق الرئيسية وموسم 2016 – 2017 سيكون ثقافيا موسم الجبال المغدورة حيث للثقافة دور أساسي يجب أن تلعبه وهذه السنة تحيي منظمة الأمم المتحدة اليوم العالمي للجبل تحت شعار «ثقافة الجبل» وهي فرصة كي نؤصّل الفعل الإبداعي على قممنا حتى لا نسقط في فخ حروب الكاوبوي البلهاء ضد الظلامية. جبالنا التونسية بصدد كتابة مشروعها الثقافي بتأنّ وفاعلية وهذا ما يجب أن ندفعه..