فلقّبت بـ»الكوفة الصغرى». ولأنّها كانت مهد الطرق الصوفية في تونس، فقد سعى مهرجان «روحانيات» إلى إحياء هذا الموروث الثقافي والديني حتى تستعيد نفطة مكانتها ولقبها كعاصمة للموسيقى الصوفية.
تحت شعار «حنين»، تعيش مدينة نفطة على إيقاع مهرجان الموسيقى الصوفية والروحانيات أيام 4 و5 و6 نوفمبر 2021.
«حنين» إلى الوجد... والحياة
في حنين إلى تاريخ نفطة العريق وشوق إلى عودة الحياة في شوارع المدينة، ينتظم «مهرجان الموسيقى الصوفية والروحانيات»(روحانيات) تحت شعار «حنين». وقد كشف مدير المهرجان حسن الزرقوني عن تفاصيل الدورة الخامسة وأبرز محطاتها وضيوفها أثناء ندوة صحفية احتضنتها ،أمس، مكتبة الكتاب بشارع الحبيب بورقيبة في العاصمة.
يعود مهرجان «روحانيات» ليعلن نفطة عاصمة للموسيقى الصوفية كما كانت على مر التاريخ، حيث تستضيف المدينة أشهر المنشدين العرب على غرار المغربي جواد الشاري والمصري إيهاب يونس والإخوة أبو شعر من مصر...
وفي وصلات من الوجد والإنشاد الصوفي، سيكون للجمهور موعد مع سهرات لطفي بوشناق ودرصاف الحمداني وحضرة رجال تونس بقيادة الشيخ توفيق دغمان.
إلى جانب عروض الحضرة والحفلات الموسيقية وسهرات السماع الصوفي... يحتفي مهرجان «روحانيات» بباقة من الندوات الفكرية والقراءات الشعرية. وفي اهتمام بعلاقة الصوفية والتصوّف بالحياة الاجتماعية والسياسية والثقافية، يستضيف المهرجان ثلة من الشعراء والمفكرين التونسيين من ضمنهم ألفة يوسف ومنصف الوهايبي ومحمد غزي ومحمد بن حمودة ورجاء فرحات ويوسف الصديق وحمادي الرديسي وبدري مدني...
وفي لمسة وفاء إلى روح الفنان سليم البكوش الذي رحل عن عالمنا بعد إصابته بفيروس كورونا، تكرّم الدورة الخامسة من مهرجان «روحانيات» ذكرى هذا الموسيقي الذي أحد أشهر أعلام الموسيقى الصوفية في تونس. وقد أعلن حسن الزرقوني أن الرّاحل سليم البكوش كان سيتولى الإدارة الفنية للمهرجان لولا أن وافته المنية.
إحياء التراث وإنعاش السياحة
لا يكتفي مهرجان «روحانيات» بنفض الغبار عن تراث ثري منسي بل يسعى إلى إنعاش السياحة ودفع عجلة الاقتصاد في ولاية توزر سيما بعد الركود والكساد بسبب انتشار فيروس الكورونا. إذ يقدّم المهرجان فرصة ثمينة لاكتشاف المواقع الأثرية وزيارة المعالم والمقامات التي كانت منارات علم وأدب وفقه في نفطة أرض المعرفة والحضارة.
وفي تثمين للتراث اللامادي بالجهة، يقترح مهرجان «روحانيات» على ضيوفه متعة تذوّق المأكولات التقليدية واكتشاف الصناعات الحرفية التي تميز شطّ الجريد.
وبالرغم من تنظيمه في وقت ضيق واكتفائه بـ50 % من طاقة الاستيعاب، فيبدو أن مهرجان «روحانيات» وبالرغم من حداثة تأسيسه قد نجح في استقطاب جمهور وفيّ من تونس وخارجها.
وقد توّقع مدير «روحانيات» حسن الزرقوني أن يحلّ بولاية توزر حوالي 15 ألف زائر لمواكبة عروض المهرجانات ومختلف ضيوفه مفيدا بأن نسب الحجوزات بالنزل ودور الضيافة في نفطة فاقت الـ 90 % .
وفي احترام تام للبرتوكول الصحي وضرورة الاستظهار بجواز التلقيح، يدعو مهرجان «روحانيات» جمهوره إلى أيام من الصفاء الذهني والانتشاء الروحي في وصلات ورقصات على إيقاع الموسيقى الصوفية.
سواء حلّق جمهور «روحانيات» إلى نفطة على متن الطائرة أو وصل إليها عبر رحلة شيقة بالسيارات أو الحافلات... فكل الطرق تؤدي حتما إلى نفطة مهد الحضارة وموطن الطرق الصوفية.