وغصّ بحرها بالفضلات الكيميائية، فلم تعد عاصمة الخيرات والثروات... بل صارت أرضا مسمومة ومغتصبة بسبب جرائم بيئية خطيرة وكارثية.
في سياق التزام السينما بقضايا الشعوب والمجتمعات وانخراط الفن في بيئته ومحيطه، يهتم مهرجان «قابس سينما فن» في دورته الثالثة التي تتواصل إلى غاية 26 جوان الجاري من خلال قسم خاص بسينما الأرض بالتعاون مع الجمعيات الثقافية والبيئية في سعي إلى خلق منصة تشاركية لإعادة التفكير في واقع المدينة وتحدياتها البيئية ...
أفلام عن علاقة الإنسان بالأرض... مخيم سينمائي في واحة شنني
في شهر سبتمبر 2020، قطع الناشط البيئي محرز الحمروني على متن دراجته مسافة 1000 كم حاملا إلى الرئاسات الثلاث رسالة استغاثة لإنقاذ قابس من التلوث الذي أفسد هواءها وبحرها ومناخها... إلا أن الحكومات الحالية والسابقة كثيرا ما تدير ظهرها إلى نداء المواطنين وصوت الجهات كأن لا أذن سمعت ولا عين رأت !
وبالرغم من أن الدستور التونسي ينص في فصله 45 على ما يلي: « تضمن الدولة الحق في بيئة صحية ومتوازنة وتساهم في حماية البيئة. تقع على عاتق الدولة مسؤولية توفير الوسائل اللازمة للقضاء على التلوث البيئي»، إلا أنّ هذا الفصل بقي مجرد حبر على ورق في قابس وقفصة وصفاقس وعديد الولايات التي غزاها التلوث بمختلف أنواعه وأشكاله ...
في دورته الثالثة التي تتواصل إلى غاية 26 جوان الجاري، منح مهرجان»قابس سينما فن»حيزا مهما من برمجته ليكون منبرا للدفاع عن قضايا الأرض والبيئة. وفي هذا السياق أفادت المسؤولة عن قسم «سينما الأرض»رباب مباركي في تصريح لـ«المغرب» بالقول: « إن الفن السابع في كل عصوره وأجياله هو نافذة على العالم ومرآة للواقع الثقافي والاقتصادي والاجتماعي... ولا يمكن لمهرجان سينمائي تحتضنه قابس أن يغض النظر عن القضية الأساسية بالجهة ألا وهي التلوث الذي أضر بقوت البّحارة ورزق الفلاحين واعتدي على حق المواطنين في بيئة سليمة وهواء نقي...ومواصلة لخيار انطلقنا فيه منذ السنة الفارطة، يواصل مهرجان «قابس سينما فن» الاهتمام بعلاقة الإنسان بالأرض في ظل تواصل معاناة المدينة من التلوث البيئي منذ السبعينيات من خلال قسم «سينما الأرض» الذي يهتم بتقديم باقة أفلام روائية ووثائقية من تونس والخارج تطرح مواضيع تتعلق بالأرض والبيئة والمحيط. ومن المنتظر أن تحمل الدورة القادمة مجالا أكبر لتسليط الضوء على قضايا الأرض ومشاكل البيئة وشواغل الإنسان ...».
في مبادرة طريفة وتوجه ملتزم، يطمح قسم «سينما الأرض» إلى التحسيس بالإشكاليات المتعلقة بالبيئة من أجل العثور على حلول إنقاذ الوضعية البيئية الكارثية في قابس. وفي هذا السياق سيتم تنظيم تظاهرة «سينما المخيمات» على امتداد يومي 25 و26 جوان الجاري حيث سيكون مخيم السينما في واحة «شنني» مفتوحا لاستقبال شباب من مختلف الولايات - باستثناء المناطق الموبوءة - إلى جانب حضور الطلبة الأجانب بتونس في احترام للإجراءات الصحية. ولئن يمثل هذا المخيم السينمائي فرصة ثمينة لاكتشاف الثراء الإيكولوجي لواحة شنني الساحرة، فإنه سيكون مجالا لعرض الأفلام خارج القاعات والفضاءات المعهودة وحيزا للنقاش والحوار في قضايا الأرض والبيئة في الهواء الطلق خارج الجدران المغلقة. ولاشك أن واحة شنني الغناء تصارع من أجل البقاء ونقاء هوائها وتربتها في ظل انتشار التلوث كالنار في الهشيم في ربوع قابس.
في مهرجان «قابس سينما فن»: «سينما الأرض» تحارب التلوث البيئي في قابس
- بقلم ليلى بورقعة
- 09:43 15/06/2021
- 865 عدد المشاهدات
في ما مضى كانت قابس «جنة الدنيا» كما كتب عنها محمد المرزوقي، أما اليوم فقد اختنقت واحاتها بالتلوث الصناعي