ولم يكن القطاع الثقافي بمعزل عن هذا الشلل الذي خنق أنفاسه وقيّد حركته. في هذا السياق حذّرت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) من تكبّد الثقافة لخسائر فادحة فاقت التوّقعات في كافة بلدان العالم.
30 مليون وظيفة في القطاع الثقافي على مستوى العالم مهددة بتقلص عددها وخسارة بعضها بسبب جائحة فيروس «كورونا» التي كانت تأثيراتها على الثقافة فوق المتوقع بكثير!
خسائر جسيمة في المداخيل والوظائف
اعتبرت اليونسكو أن الأضرار التي ألحقتها أزمة كوفيد-19 بقطاع الثقافة والعاملين به قد تجاوزت التوقعات.وتشير التقديرات إلى أنّ قطاع السينما وصناعة الأفلام سيسجل خسارة عشرة ملايين وظيفة، في حين سيكون ثلث المعارض الفنية قد قلل عدد الموظفين بمقدار النصف خلال الأزمة. هذا وقد تُلحق ستّة أشهر من الإغلاق بقطاع الموسيقى خسارة مالية تصل إلى ما يربو عن 10 مليارات دولار. بينما من المتوقع أن ينكمش سوق النشر العالمي بنسبة 7.5 ٪ بسبب أزمة كوفيد- 19 .
في الوقت الذي استنجدت فيه الدول بالتكنولوجيا وشبكة الأنترنات كمنصات بديلة لقاعات العروض وشاشات السينما زمن الكورونا، فقد أكدت اليونسكو التوجيهية أنّ 46 ٪ من عدد السكان في العالم غير متصلين بالإنترنت، وبالتالي حرمان شخص واحدا تقريبا من بين كل شخصين من الاطلاع على الثقافة والفنون .
وقصد التخفيف من وطأة كورونا على القطاع الثقافي، نظمت اليونسكو حوارا عالميا بحضور ثلة من المهنيين والفنانين، فضلا عن عقد أكثر من 220 حلقة نقاش ضمن حركة «صمود الفن» في أكثر من 75 بلدا، و التي تضمنت سلسلة من المشاورات مع وزراء الثقافة والمجتمع المدني والقطاع الخاص. وساهمت هذه البيانات كافة في تشكيل المرجعية لصياغة دليل موجه لصانعي القرار.
تأرجح الفنون بين العودة والاحتجاب
تحت عنوان «الثقافة في أزمة: دليل رسم السياسات الكفيلة بتعزيز مرونة قطاع الإبداع»، استعرضت اليونسكو في دليلها الإرشادي الأنماط الرئيسية الثلاثة التي انتهجتها الدول حول العالم لدعم القطاع الثقافي ومساعدة الفنانين، والتي تتمثل في: تقديم الدعم المباشر للفنانين والعاملين في المجال، وتقديم الدعم غير المباشر للصناعات الثقافية والإبداعية، والنهوض بالقدرة التنافسية للصناعات الثقافية والإبداعية. وعلى سبيل المثال، أنشأت أوروغواي وزيمبابوي صناديق لمساعدة الفنانين، وقدّمت الفلبين مساعدات مالية فردية للمئات من العاملين في مجال الثقافة ممن تضرروا من قيود الحجر الصحي. ومن جهتهما، اضطلعت ألمانيا والإمارات العربية المتحدة بشراء أعمال فنية في خطوة منهما لإغاثة الفنانين وتزويدهم بمصدر دخل.
في تونس، كان وقع الكورونا شديدا على الفنانين والمهنيين إلى حد الخروج للاحتجاج في أكثر من مناسبة والدخول في اعتصام مفتوح بمدينة الثقافة. بدوره صرّح وزير الشؤون الثقافية بالنيابة حبيب عمار أن قطاع الثقافة تأثر كثيرا بجائحة كورونا لأنه يتكون أساسا من أنشطة موسمية ومؤسسات صغرى ذات دخل هش.
وعن الخسائر المسجلة في عائدات الثقافة، قال الوزير بأن مداخيل المتاحف على سبيل المثال قد تراجعت من 10.8 مليون دينار إلى 1.6 مليون دينار خلال سنة واحدة.
في جلسة استماع تحت قبة البرلمان، قال الوزير إنه تم صرف مساعدات ظرفية إستفاد منها 3100 شخص وبلغت قيمتها الجملية 1.7 مليون دينار. كما وقع إنشاء حساب لدفع الحياة الثقافية استفاد منه 1585 شخص وبلغت قيمة الاعتمادات فيه 1.1 مليون دينار.وتمت مساعدة الشركات بمبلغ قدره 956 ألف دينار.
إلى اليوم لا تزال الكورونا تلقي بظلالها القاتمة على الحياة الثقافية، ولا تزال الفنون تتأرجح بين حاجة العودة إلى الجمهور والأركاح وضرورة الاحتجاب اعتبارا للوضع الصحي المتأزم.
إضرار الكورونا في القطاع الثقافي فاقت التوقعات: «اليونسكو» تحذّر... و30 مليون وظيفة في خطر!
- بقلم ليلى بورقعة
- 09:52 07/01/2021
- 1009 عدد المشاهدات
دون استثناء، عانت الكرة الأرضية من انتشار فيروس كورونا وكانت الضريبة باهظة الثمن في كل القطاعات وكل المجالات.