وبعض هذه التسمية مثبت في رخامة توجد برأس الضريح بڤابس.أمّه نسيبة بنت زيد ابن ضبيعة، وكني بابنته لبابة وهي البنت الأولى وقد اشتهر بهذا الاسم في المشرق والمغرب وله أبناء آخرون منهم السائب وعبد الرحمان، أمّا زوجته فهي زينب بنت خدام بن ثعلبة بن زيد بن عبيد بن أميّة بن زيد. لقد صاحب أبو لبابة الرّسول سيّدنا محمّد صلّى الله عليه وسلم وكان من جملة من استقبله في الهجرة إلى المدينة واتّخذ من الرسول صلّى الله عليه وسلم أسوة حسنة وتخلّق بأخلاقه وتأدب بالقرآن، وشارك في أغلب الغزوات. وقد روى كثيرا من الأحاديث عن الرسول صلّى الله عليه وسلم وهو ما يؤكّد مدى ملازمته له وروايته عنه. وكانت له مكانة اجتماعيّة مرموقة إذ صاهر عائلة الخطاب وذلك بأن تزوّجت ابنته لبابة من الفارس زيد بن الخطاب شقيق الخليفة عمر بن الخطاب. أمّا الحادثة التي غيّرت مجرى تاريخ الصحابي أبي لبابة فهي واقعة يهود بني قريظة، إذ حاصر المسلمون بني قريظة خمسا وعشرين ليلة. ولقد طلب اليهود من الرسول صلّى الله عليه وسلم بأن يرسل إليهم أبا لبابة صاحبه ليستشيروه في أمرهم، ويبدو أن ذلك لم يتحقّق مثلما كان مقرّرا حسبما يذكر المؤرّخون إذ رجح أبو لبابة موقف قبيلة الأوس التي ينتسب إليها والتي تربطها مصالح مع قبيلة بني قريظة فاضطرّ إلى تعديل موقفه وإعلان التوبة، فخرج الرسول صلّى الله عليه وسلم بهذه التوبة قائلا: تيب على أبي لبابة وأورد: قوله تعالى: «وآخرون اعترفوا بذنوبهم...» إلى آخر الاية.
وقد كانت وفاته في ضواحي قابس في المكان المعروف «بوادي الغيران» ولم يعرف سبب وفاته إن كان قد توفى مستشهدا أم بسبب مرض الطاعون الذي انتشر آنذاك وعلى الأخص في تلك الأماكن. ثم نقل إلى حيث ضريحه اليوم ليكون في تلك الربوة المطلّة على البحر والكائنة بالطريق القديمة الرّابطة بين الجنوب والشمال، وصار المكان الذي توفّي به أبو لبابة يعرف ب»المصلّى». وتوفّي سنة 40هـ كما تثبت الرّخامة الموضوعة على الضريح في مدينة قابس. وقد ذكر العبدري في رحلته التي ألّفها في أواخر القرن السابع للهجرة متحدثا عن قابس أن بها «قبر أبي لبابة صاحب رسول الله صلّى الله عليه وسلم وعليه مسجد وهو فيه بيت مغلق». كما ذكر ابن ناجي القيرواني في تكملته على «معالم الايمان» للدبّاغ قائلا «لمّا وليت قضاء قابس وجدتهم يزورون قبرا في بيت نظيفة داخل مسجد خارج البلاد في غربها يسمى مسجد أبي لبابة». وقد أدخلت على الضّريح بعض التّحسينات في عصور مختلفة مثل التي وقعت في العهد المرادي على مرحلتين: في عهد حمّودة باشا (1041 - 1076هـ/1633 - 1666م) وفي عهد محمّد المرادي حفيد حمّودة باشا (1086هـ/1675م) والتّحسينات التي تمت في العهد الحسيني مع محمد الصادق باي 1881م. وتواصلت الاصلاحات والترميمات إلى أواخر القرن العشرين، فقد حصلت التّوسعة الكبيرة التي بني فيها مسجد عصري ضخم محاذ للضّريح من الجهة الغربية ويفتح عليها من مسلكين متّصلين بالضّريح ومن باب ثالث مستقلّ جانبي محاذ لحائط الضّريح من الجهة الشمالية.