مسك حبات الرمل بين أصابعه... وقد يكون الاختلاف أحد وجوه الجمال، فالورود أبهى لأنها متعددة الألوان والروائح والمدن أشهى لأنها مختلفة المناخات والنكهات... والمسرح حي لأنه يختلف من ركح إلى آخر. أمام الفن الرابع، الصاخب إلى حد الحيرة والفاتن إلى حد الدهشة كثيرا ما تختلف التقييمات ما بين الإعجاب والاستهجان،التصفيق وعدم الرضاء. وهذا لا يفسد للود قضية طالما أن الفن كما الحياة مذاهب وأهواء وأذواق.
في جندوبة تم بعث مركز للفنون الدرامية والركحية حديث التأسيس ليزهر في صحراء المنطقة القاحلة فنا وتعبيرات جمالية رغم خصوبة زرعها وأرضها.. إلا أن مدير المركز لزهر الفرحاني يجد نفسه اليوم محكوما غيابيا بخمسة عشر يوما سجنا وخطية مالية ومارطون من القضايا والجلسات.. أما السبب فليس اختلاس المال العام أو الاعتداء بالعنف أو تجاوز للصلاحيات ... بل لأنه مدير مركز للفنون رفضت لجنته قبول تنفيذ مشروع مسرحي لفنان تقدم بالترشح من جملة حوالي 6 مطالب لم يقبل منها سوى اثنان رأت فيهما اللجنة توفر المعايير والشروط الفنية والتقنية المطلوبة. أمام قرار اللجنة صمت البقية رضاء بقانون اللعبة وتكلم فنان واحد تم رفض مشروعه واختار قرع أبواب المحاكم وإرسال عدل منفذ إلى مؤسسة مسرحية للمطالبة بحق يراه مطلبا مشروعا أما الفن فيخضعه إلى منطق مسلم به وهو أن تقييم العمل الفني ليس عملية حسابية أو نص قرآني غير قابل للخطإ أو التأويل أو الاختلاف... ورغم مد العدل المنفذ بتقرير اللجنة وأسباب رفضها للعمل المترشح فإن صاحب المشروع المرفوض لم يراهن على مشروعه في فرصة أخرى بل تقدم بأكثر من شكاية تحت أكثر من عنوان... وفي المقابل دافع لزهر الفرحاني عن براءة موقعه وموقفه كبراءة الذئب من دم يوسف.وقد يطول المشوار بين أخذ ورد وشكاية ومكافحة بين فنان مسرحي وفنان آخر أيضا في سابقة يندى لها الجبين وفضيحة يبكي من وجعها المسرح دما وألما... طالما أن الركح مستباح العرض والأرض وطالما أن الفنان تخلى عن وظيفته في زرع بذور الخير والسلم والجمال لينصب محاكم التفيش لأذواق اللجان وتقييم الزملاء .... أليس الاختلاف أساس الجمال والجمال إكسير الحياة؟
ليلى بورقعة