واعترافا بمكانة القانون التي تحتل صدر التخت الشرقي وإجلالا لسحر هذه الآلة عذبة الألحان وساحرة الأوتار، اختار المركز الثقافي الدولي بالحمامات أن يحتفل على طريقته بأكتوبر الموسيقى محتفيا بآلة القانون ضمن تظاهرة «وتريات متوسطية».
لا شيء يعلو على صوت الموسيقي في «دار سيبستيان» بالحمامات من 25 أكتوبر إلى غرّة نوفمبر 2019، وقد ضرب ركح المسرح موعدا مع الموسيقى الوترية وبوح القانون باللحن والشجن.
عزف القانون على ضفاف المتوسط
لئن تم تعريف آلات الوترية بأنها «الآلات التي تحتوي على أوتار يجذبها العازف بأصابعه أو يجعل القوس يمرّ عليها..» فقد أطلق على آلة القانون الوترية التي يعود تاريخها إلى حوالي 5 ألاف وصف «الآلة الأمّ» عند الشرق وحجر الأساس في التخت الشرقي.
قديما قال الغزالي: «من لم يحرّكه الربيعُ وأزهاره، والعودُ وأوتاره، فهو فاسدُ المزاج ليس له علاج»، ولأن الموسيقى الوترية عنوان العذوبة التي تنساب في خرير المياه وشدو العصافير في أفنانها وشجن الحمائم في هديلها... فقد ارتأى المركز الثقافي الدولي بالحمامات أن ينصف هذه الموسيقى وآلاتها وأن يدعو الجمهور إلى لحظات من الإمتاع والصفاء على إيقاع «وتريات متوسطية».
وفي تقديم لهذه التظاهرة التي تنظمها «دار سيباستيان» لأول مرة، يقول مدير عام المركز الثقافي الدولي بالحمامات لسعد سعيّد «يحتفل العالم بأكتوبر الموسيقى، ونحتفي نحن بالأوتار التي تؤثث فضاء آخر للإبداع على ضفاف المتوسط . تسافر فينا مدن الفنون ونحتفي فيها بآلة القانون، وفي دار سيباستيان يكون اللقاء بمبادرات إبداعية ومدارس فنية وسياقات ثقافية.. اختلفت في الذائقة واجتمعت حول الوتريات المتوسطية...».
«آلة القانون : بين الإنشائية وتجربة الحداثة»
يأتي تعريف آلة القانون في بعض المراجع الموسيقية بأنه «آلة موسيقية وترية من الآلات البارزة في التخت الشرقي والعزف المنفرد، وهي أغنى الآلات الموسيقية أنغاما وأطربها صوتا، حيث أخذت مكانا مرموقا بما تتميز به من مساحة صوتية واسعة تغطي كافة مقامات الموسيقى العربية.ولهذا السبب تعتبر آلة القانون بمثابة القانون أو الدستور لكافة آلات الموسيقى العربية.» وفي دورتها التأسيسية تحتفي تظاهرة «وتريات متوسطية» بالقانون عزفا وتكوينا وصيانة ... وستكون سهرة مساء الجمعة 25 أكتوبر الجاري بإمضاء العازفة التونسية ذات الشهرة العالمية هناء بوخريص في سهرة ثنائية مع عرض العازف أيتاش دوغان من تركيا مع مرافقة إيقاعية لحاتم هميلة وموسيقية لرفيق الغربي. وتؤثث برمجة «وتريات متوسطية» عروض تونسية وأجنبية على غرار عروض العازفين سليم الجزيري ومحمد علي التريكي من تونس وعرض العازف محمد النحاس من سوريا وعرض العازف عبد الوهاب البسطانجي من الجزائر.
وعلى إيقاع عزف الموسيقي الشهير ماجد سرور من مصر في مرافقة إيقاعية لشكري بن عمو سيسدل ستار الاختتام في سهرة الجمعة غرّة نوفمبر 2019 لتظاهرة «وتريات متوسطية».
لا تقتصر «وتريات متوسطية» على هندسة عروض فنية ترفع عاليا صوت الموسيقى الوترية، بل سيتم تنظيم ورشات موسيقية وتربص تطبيقي في وورشة في صيانة الآلة تهتم جميعها بآلة القانون.
ولا تستثني «وتريات متوسطية» الجانب الفكري من فلسفة تنظيمها فإذا بها تخصص جلسة علمية ثقافية بعنوان «آلة القانون : بين الإنشائية وتجربة الحداثة» بمشاركة محد النحاس من سوريا وعبد الوهاب البسطانجي من الجزائر وتوفيق بوڤرة ومحمد علي التريكي وهناء بوخريص وسميحة بن سعيد وحلمي بن نصير من تونس.
ولاشك أن آلة القانون رغم تغيّر الأزمان وتبدل الأحوال تبقى روح الموسيقى العربية وعطر الشرق الساحر.