ومنه أيضاً قوله تعالى والله جعل لكم من بيوتكم سكنا وجعل لكم من جلود الأنعام بيوتا تستخفونها يوم ظعنكم ويوم إقامتكم (النحل:80)، أي: حين سفركم وحين إقامتكم. ومن هذا القبيل قوله سبحانه» وآتوا حقه يوم حصاده» الأنعام:141، أي: أدوا زكاة زروعكم حين حصادها وقطافها.
الخامس: يوم غلبت الرومُ فارس، وذلك قوله عز وجل ويومئذ يفرح المؤمنون * بنصر الله (الروم:4 - 5)، روى الطبري عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: التقينا مع محمد رسول صلى الله عليه وسلم ومشركي العرب، والتقت الروم وفارس، فنصرنا الله على مشركي العرب، ونصر الله أهل الكتاب على المجوس، ففرحنا بنصر الله إيانا على المشركين، وفرحنا بنصر الله أهل الكتاب على المجوس، فذلك قوله: ويومئذ يفرح المؤمنون * بنصر الله.
السادس: اليوم يعني يوم طلوع الشمس من مغربها، جاء بحسب هذا المعنى قوله سبحانه يوم يأتي بعض آيات ربك (الأنعام:158)، روى الطبري عن ابن مسعود رضي الله عنه، يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها قال: طلوع الشمس من مغربها. وليس وفق هذا المعنى في القرآن غير هذه الآية.
السابع: اليوم بمعنى النِّقَم، جاء على ذلك قوله عز وجل قل للذين آمنوا يغفروا للذين لا يرجون أيام الله (الجاثية:14)، أي: قل يا محمد للذين صدقوا الله واتبعوك، يغفروا للذين لا يخافون بأس الله ووقائعه ونقمه، إذا هم نالوهم بالأذى والمكروه. وروى الطبري عن مجاهد في قول الله تعالى قل للذين لا يرجون أيام الله قال: لا يبالون نِعَم الله، أو نِقَم الله. وليس على هذا المعنى في القرآن غير هذه الآية.
الثامن: اليوم بمعنى النِّعم، جاء على ذلك قوله تعالى: وذكرهم بأيام الله (إبراهيم:5)، روى الطبري عن مجاهد: وذكرهم بأيام الله، قال: بأنعم الله. وليس بحسب هذا المعنى في القرآن غير هذه الآية. قال بعض أهل العلم: وإضافة الأيام إلى الله تعالى تشريف لأمرها؛ لما أفاض الله عليهم من نعمه فيها.
والمتحصل، أن لفظ اليوم كَثُر وروده في القرآن الكريم، وأكثر ما ورد مضافاً إلى القيامة أو اسم من أسمائها، أو صفة من صفاتها، وورد بدرجة تالية مضافاً إلى أمور أُخر عظيم، عصيب، الظلة...، وورد بدرجة أقل مراداً به يوم من أيام الآخرة، وورد مراداً به يوم من أيام الدنيا، وورد في بضعة مواضع بمعنى الحين، وورد مراداً به انتصار الروم على فارس في موضع واحد، وورد بمعنى يوم طلوع الشمس من مغربها في موضع واحد، وورد بمعنى النِّعم في موضع واحد، ومثله بمعنى النِّقم.