وتنساب الروح كالماء في عذوبة بحوره الشفافة... من أجل هذا كله وأكثر كان لابد أن يكون لتونس وهي أرض شعر وإلهام أيام قرطاج الشعرية. ومن التأسيس إلى الترسيخ، كان افتتاح الدورة الثانية من أيام قرطاج الشعرية بإدارة جميلة الماجري مساء الجمعة 22 مارس 2019 في مسرح الأوبرا بمدينة الثقافة في حفل بهيج زاوج بين الموسيقى والشعر، فكانت رحلة البهاء والصفاء مع عذوبة الحرف ونشوة الطرب...
في أيام قرطاج الشعرية في دورتها الثانية التي تتواصل إلى غاية 29 مارس 2019، أعادت تونس رسم قبلة من نور على جبين الشعر وعادت إلى التحليق بجناح القصيد في السماوات البعيدة محرّضة عواصم العالم على طرق بابها عاصمة للشعر، قِبلة للشعراء.
«الأيّام» تهدي تونس قصيدة مغنّاة
لأنها الساحرة والجميلة فهي الملهمة والولاّدة للشعر وخصب الحرف... وفي الدورة التأسيسية لأيام قرطاج الشعرية نظم شعراء ضيوف قصائد عذبة في حسن قرطــــاج وروعة تونس. فلم تأب إدارة المهرجان أن تمرّ هذه الإبداعات مرور الكرام وأن تبقى حبرا على الورق، بل سعت إلى أن تترجمها إلى أغنيات تؤرخ للذكرى وتوّثق للذاكرة وتسجل لحظة انتشاء شاعر بفتنة وجه مدينة بهيّة. وقد كان حفل افتتاح الدورة الثانية من أيام قرطاج الشعرية فرصة ثمينة لتقديم هذه القصائد المغناة. فاهتز الجمهور انتشاء وطربا على إيقاع قصيدة «قرطاج» التي كتبها الشاعر الإماراتي محمد عبد الله البريكي ولحنّها عبد الرحمان العيادي وغنّاها شكري عمر الحناشي. ويقول مطلع هذه القصيدة، الأغنية:
قرطاج جئتك من بحر الخليج فتي
يصارع الموج كي يبني له وتد
قصيدتي نخلة عشاق أزرعها
في تونس الوصل كي تبقى لمن وفدا
نشوة موسيقى ... وعذوبة أغنيات
في مراوحة رائقة بين الشعر والموسيقى، بين إلقاء القصيدة وعزف الأغنيات... جاء حفل الافتتاح رائقا وراقيا تؤنسه ملائكة الشعر وتحرسه آلهة الفن. كما كان ناجحا على المستويات التنظيمية والتقنية والفنية من سينوغرافيا وإضاءة ومؤثثات ركحية...
على جناح الفراشة كان الانتقال بخفة ورشاقة من إلقاء القصائد إلى الانتشاء بطرب الأغاني ... وقد تميز الشاعر والإعلامي مكي هلال في تقديم حفل الافتتاح من خلال التقديم الأنيق للضيوف وحسن التحول من فقرة إلى أخرى.
وقد جاء حفل افتتاح أيام قرطاج الشعرية بإمضاء فرقة الوطن العربي بقيادة الموسيقار عبد الرحمان العيادي وباستضافة أروع الأصوات التونسية ووجوه الطرب الأصيل. وقد انتشى الحضور طربا وتمايل الجمهور نشوة أمام شدو الحناجر الذهبية لكل من الفنان عدنان الشواشي والفنان نورالدين الباجي والفنان شكري عمر الحناشي والمطربة رحاب الصغير.
شعر يذيب الشعور ويداعب الإحساس
على ركح سهرة افتتاح أيام قرطاج الشعرية، كان المنبر وقادا، وضاحا، مدرارا.. بالشعر والكلمات والحياة. وقد أثث الأمسية الشعرية في استهلال الدورة الثانية من أيام قرطاج الشعرية ثلة من أفصح شعراء لغة الضاد من تونس ومن ربوع الوطن العربي الذي كثيرا ما ترتشف أجياله موهبة الشعر مع حليب الرضاعة. فصفق عشاق الشعر طويلا، طويلا لقصائد الشاعر التونسي محمد الغزي والشاعر العراقي سامي مهدي والشاعر الإماراتي حبيب الصايغ والشاعر الأردني راشد العيسى والإماراتي الشاعر جاسم الصحيح والشاعرة شميسة النعماني من سلطنة عمان. وقد كانت مختلف هذه القصائد التي تناثر عطرها الفوّاح على ركح أيام قرطاج الشعرية ترجمة لاختلاجات الذات وبوح بتجارب وجود وحياة ورسم لأفق أجمل للإنسان في كل مكان.
وكان الختام مسكا ووردا في نهاية حفل افتتاح أيام قرطاج الشعرية حيث تم تكريم ثلة من الشعراء على غرار نور الدين صمّود وجليلة هدى صدام وفرج شوشان وخديجة كمون والحبيب الصايغ وجاسم الصحيح ومحمد الغزي وشمسية النعماني وعلا خضارو ومحمد الفريدي...
انتهى حفل افتتاح أيام قرطاج الشعرية بسلام وحب وعشق أكبر للشعر ... لتبقى كلمات صوت الشاعر الأردني راشد العيسى تتردد في الأرجاء ما بين الصحوة والصدى لتتغنى بتونس فتقول:
أمي القصيدة منذ رضعت حليبها
لكن أمّ قصيدتي قرطاج
فلتعذري الشعراء في إسراعهم
فإلى سمائك شعرهم معراج