ولعله من المضحكات المبكيات أن تحلّق السينما التونسية في سماوات التتويج والتوسيم والحال أن بلادنا تقف على أطلال الماضي والذكرى وأمجاد حوالي 100 قاعة سينما كانت بالأمس هنا، فأفل نجمها واحتلت المقاهي والمطاعم والمحلات مكانها... في غزوة «المجتمع الاستهلاكي» !
أمام أزمة قاعات وإشكالية فضاءات تخيّم بشبحها على العاصمة وخصوصا الجهات تفتقد جلّ ولايات الجمهورية إلى قاعة سينما وقبس من الحياة. وليست قابس بمعزل عن هذه الوضعية الحرجة وبمنأى عن هذا الواقع المخجل، فبعد أن كانت تضم ثلاث قاعات للسينما أغلقت آخر قاعاتها «الخضراء» أبوابها، فلم تعد «جنة الدنيا» خضراء !
وإن خجل الجمال في المنّ بحسنه على قابس فوهبها دفعة واحدة سحر اللقاء ما بين الواحة والبحر والصحراء، فقد خانت هذه المدينة الحالمة عزائم رجالها وسياسة الدولة في الإبقاء ولو على قاعة واحدة للسينما... هذا الضمأ إلى السينما وفن الكاميرا لدى أهالي خليج قابس جعل الفنانة هند صبرى تقدم لهم الوعد بافتتاح قاعة سينما لدى اختيارها رئيسة شرفية للمهرجان الدولي للفيلم العربي بقابس.
ويبدو أن هند قد أنجزت ما وعدت ... إذ أعلنت، مؤخرا، هذا النبأ السار :» كان هذا وعدنا لأهالي قابس وأوفينا.. قاعة سينما سيتم افتتاحها في 2018».
وقد جاءت هذه البادرة الجديرة بالاقتداء والنسج على المنوال لهند صبري لتؤكد أن الفنان قادر بطريقة أو بأخرى على تغيير وجه المدينة و مصالحة الجمهور مع فضاءاته الثقافية وتقديم خدمة للوطن.
وفي هذا السياق، يتداعى ذكر رحيل رائد السينما التونسية عمّار الخليفي الذي وّدع الحياة عند اللحظة الفاصلة بين رحيل سنة وبداية أخرى كما كانت ولادته السينمائية محطة فارقة في السينما التونسية وهو صاحب أول فيلم طويل في تاريخ البلاد التونسية.
وانطلاقا من أول فيلم تونسي «الفجر» لعمار الخليفي الذي عرض في 20 مارس 1967 وصولا إلى فيلم «الجايدة» لسلمى بكار الذي سجل رقم 100 ألف متفرج، ألا نحتاج إلى انبلاج فجر جديد في ظلام أزمة القاعات من أجل أفق أرحب للسينما التونسية؟