محاضرة نظّمها مؤخّرا قسم الآداب بالمجمع التونسي للعلوم والآداب والفنون «بيت الحكمة».
ففي الأدب المقارن «لم يحدث التطوّر فجأة بل بعد تأسيسه بما يقارب القرن» أي في حدود منتصف القرن العشرين حسب المحاضر باعتبار أنّ فترة التأسيس كانت بتصوّره في منتصف القرن التاسع عشر، ويمثّل المؤتمر الأمريكي سنة 1958 وفقا للروائي طرشونة «المنعرج الأوّل»، لأنّه أنقل هذا الفعل المعرفي من «الانغلاق والتقوقع إلى الانفتاح على الفنون والعلوم الإنسانية»، لقد انفتحت دراسات وبحوث المهتمين بالأدب المقارن في ظل تلك المتغيّرات على مناهج جديدة تمكّن من تحاليل أكثر عمقا للنصوص، لذلك تخطى الدارسون المقاربات التقليدية، وظهر هذا المنعرج حسب المحاضر «بعد قرن لكن المنعرج الثاني ظهر بعد سنوات،قد استحدثه الكاتب ادوارد سعيد» . ويتمثّل هذا المنعرج في التمرّد على المركزية الغربية، حيث تمرّدت آداب الأطراف على الأدب المركزي، فبرزت الآداب الصينية والإفريقية والعربية الخ . . ومن أهم أسباب بروز ذلك التمرّد البعد الإيديولوجي رغبة في لفت الانتباه إلى الثقافات التي همّشتها الأبعاد الاستعمارية للمركزية بمضامينها الاقتصادية والثقافية والعسكرية.
ويظل الأدب المقارن في نظر الدكتور محمود طرشونة قائما أساسا على الأدب وعلى المقارنة، مشيرا إلى صيغ توظيفه خارج الحقل المعرفي كالحركات النسويّة في إطار مقاومتها للاستبداد البطرياركي، كما وظّفته الجاليات المهاجرة دفاعا على الهوية، بل تستثمره السياسات وفقا لحساباتها، لذلك دعا الأستاذ طرشونة إلى ضرورة تحرير بحوث الأدب المقارن من التوظيف الايديولوجي كي يضطلع بمهامه المعرفية.