عن خصوصيات هذه الاخيرة و جديد وإكراهات وآفاق الدورة 49 للمهرجان وبعض القضايا الثقافية الاخرى كان لـ«المغرب» الحوار التالي مع مدير المهرجان الاستاذ الشريف بن محمد وهو فاعل جمعياتي باحث في المجال التربوي وله اهتمام بالموروث الشعبي جمعا ودراسة كذلك من مؤسسي مركز البحوث والدراسات «مربد «دوز»:
• هيئة المهرجان وتشكلها خاصة وأنه كان من المنتظر إحداث جمعية تعنى بالمهرجان كذلك التاريخ الجديد لهذه الدورة؟
لقد تشكّلت هيئة المهرجان الدولي للصحراء بدوز بقرار من والي قبلّي وهو الجهة الرسميّة المخوّلة لتشكيل هيئات المهرجانات الدولية ـ ومهرجان الصحراء واحد منها ـ أمّا الجمعية فيبدو أنّ الموانع القانونيّة تحول دون تشكيلها لأنّ تمويل المهرجانات بصيغة الجمعيات يخضع لشروط وضوابط تمنع من ارتقاء المنحة إلى المستوى المأمول. وعموما فالحديث عن الجمعيات يطول ولكن هل رأيتم قرطاج أو الجم أو طبرقة أو غيرها من المهرجانات الكبرى صار جمعية بالمعنى المتداول. ومع احترامي لكلّ الجمعيات التي تسيّر بعض المهرجانات الجهوية والمحلية فإنّ مهرجان الصحراء الدولي بدوز أكبر من كلّ الجمعيات. إنّه باختصار مشغل مدينة ووجه بلد.
• ماذا عن الدعم المالي من قبل وزارات السياحة ،الشباب والرياضة ووزارة الثقافة خاصة ؟
الدّعم هو المعضلة الدائمة وما دام المهرجان تحت رحمة المنح الوزارية فلن يستطيع التخلّص من الدوران في فلك الديون وكيفية تذويبها. نعم لقد دعمت الوزارات المختلفة المهرجانَ بأقدار متفاوتة، ولكن عندما نقارن هذا الدعمَ بما يُمنَح لمهرجانات أخرى نشعر بأنّ مكانة المهرجان لدى الجهات الرسمية ما زالت دون المأمول. وإلاّ فكيف لمهرجان دولي عريق يشرف على الخمسينية ألاّ تتجاوز ميزانيته 400 ألف دينار والحال أنّ مهرجانات أخرى لها جمهور أقلّ وتفوق ميزانياتها المليار. أنظروا إلى ساحة حنيش والكمّ المتعاظم من الجماهير التي ترتادها وشاهدوا العكاظية الشعرية والزّخم الجماهيري الذي تحّققه وأحكموا بعد ذلك على مقدار الغَبن الذي يلحق مهرجان الصحراء. ومن واقع اختلافي إلى بعض الوزارات مازال المسؤولون ينظرون إلى المهرجان كحدث ثقافي فولكلوري «من ورا البلايك» للأسف.
• هل استطاعت الهيئة خلق موارد جديدة للمهرجان من خلال الرفع من مساهمة الخواص والشركاء؟
نعم ـ أمام شحّ الموارد ـ لم تبقَ الهيئة مكتوفة اليدين بل سعت إلى الانفتاح على المجتمع المدني والشركات الخاصة ( عقود الإشهار والاستشهار ) كما انفتحت على المجالس المحلية للتصرّف التي أسهمت مشكورة بنصيب مادي، ولا أنسى الشركات البترولية العاملة بالجهة التي ما انفكّت ـ في إطار مسؤوليتها الاجتماعية والثقافية ـ تدعم المهرجان وكذلك المؤسسات السياحية ومختلف الشركاء المحليين والجهويين والوطنيين. ولكنّ كلّ هذا لا يعفي الدولة من القيام بواجبها ولا يعفي المهرجان من أن يطوّر موارده الذاتية وينهض بنفسه. هل يعقل مثلا أن مهرجانا عمره 49 عاما لا يملك مقرّا رسميا محترما؟
• هل سيكون اليوم الإشهاري الترويجي المزمع تنظيمه يوم 27 ديسمبر 2016 في تونس تحت شعار ” مهرجان الصحراء عمق ثقافي وثراء سياحي” مغايرا لدورة 2015 ؟
في كلّ عمل توجد ثوابت ومتغيرات. نحن عندما فكّرنا في إنجاز اليوم الترويجي خلال السنة الماضية كنّا نغامر بإنجاز حلم راود كثيرا من الهيئات السابقة. وقد نجحنا في تنفيذه بنسبةٍ ما. وقد قدّمنا نقدنا الذاتي لمجريات 10 ديسمبر 2015 ونحاول تطوير التجربة بالمحافظة على روح اليوم الترويجي وتدارك النقائص الحاصلة وتعزيز المكتسبات والإيجابيات. ومن الوجوه التي ستتعزّز في العرض ما يهمّ التراث البدوي المادّي واللامادي ووجوه تسويقه ثقافيا واستدعاء أكبر عدد من الوجوه الإعلامية والسياسية والثقافية.
• مباشرة قبل الافتتاح الرسمي وفي 11 و 12 جانفي 2017 سيكون الاحتفال بالذكرى المائوية للأديب الكبير محمد المرزوقي ماذا عن مساهمة وزارة الثقافة التي أبدت في البداية دعما كبيرا لها وضيوف هذه الاحتفالية ومحاور اهتمامها؟
الحديث في هذا الباب يطول ولكن سأكتفي بالقول إنّ مَحمد المرزوقي قد أفنى عمره في وزارة الثقافة وأسّس مصلحة الأدب الشعبي بها واشتغل على الموروث كما لم يشتغل أحد. وعندما اقترحنا مبادرة المهرجان لإقامة المائوية كنّا نعي دورَ المهرجان، فالمرزوقي واحدٌ من مؤسّسيه ومن مركّزي عكاظيته الشعرية الشهيرة. ولذلك فإنّ أقلّ الواجب أن نحتفي بالمرزوقي في يومين كاملين يسبقان المهرجان ويكونان فاتحة الاحتفال. وهما يومان دسمان بكلّ ماهو ثقافي من الندوة والمحاضرات العلمية إلى المعارض الثقافية إلى الفداوي أو الحكواتي إلى المرزوقي في عيون الطفولة فضلا عن السهرات الفنية سنقوم جادّين بإحياء مائوية تليق بالفقيد. يكفي أن أقول لك إنّ الندوة يحضرها يومي 11 و 12 جانفي نخبة من الأساتذة من تونس و الخارج للتباحث في سيرة الفقيد وتراثه الضخم ( ما يربو على أربعين كتابا ) ولفتح الآفاق في الدراسات الشعبية والهاجس هو أن يكون المرزوقي معاصرا محايثا الآن وهنا.
• إقرار العرض الفرجوي خلال الدورة المنقضية خلف الكثير من الحبر سواء في الاختيار أو حتى في مضمونه ماذا عن العرض الفرجوي لهذه الدورة ؟
العرض الفرجوي صار مطلبا ملحّا لأنّه يُخرج ساحة حنيش من الرتابة. صحيح أنّ عرضَ «ثورة الصحراء» خلّف حبرا كثيرا ونقاشا مستفيضا خرج أحيانا عن حدود الاحترام ودائرة النقد الموضوعي ليصبح تجريحا وسبابا، ولكن يقيني أنّ الأعمال الناجحة تُقاس بمدى ما يدور حولها من نقد. ليس هناك عمل متكامل ولا تسلم الاختيارات الفنية من القيل والقال، ولكن يهمّنا أن نشدّ الجمهور إلى العروض بقطع النظر عن استفادة طرف وخسارة طرف آخر لأنّ العمل الثقافي في أصله ومنتهاه مغامرة فنية قبل قوانين الربح والخسارة وقبل التهافت على المكسب المادي.
• هل سيكون هناك حضور لفنانين أجانب في السهرات الفنية ؟ وهل ستقام بنفس الفضاء الذي تم تخصيصه خلال الدورة الماضية؟
نأمل ذلك، لدينا توأمة مع مهرجان الخريف بمدينة هون من ليبيا الشقيقة ولدينا شراكة مع بلدية النخلة من ولاية واد سوف بالجزائر الشقيقة. أردنا للعمل الثقافي أن يذهب إلى العمق والجوار وبالتأكيد هناك مفاجآت سارّة في هذا الباب. أمّا عن مكان السهرات فقد قيّمنا تجربة السنة الماضية ورأينا أنّه من المستحسن نقل السهرات إلى فضاء السوق التقليدية وهو الفضاء الذي شهد سهرة محمد حسن ( 2005) وأمسية هشام الجخ ( 2016 ) ونأمل أن نستفيد منه كموقع ملائم في قلب المدينة.
• هل من جديد يميّز هذه الدورة؟
جديدُ هذه الدورة له مستويات:
- أوّلها الاحتفال بمائوية محمد المرزوقي وسوف يحاضر فيها جملة من المختصّين مثل حمد خالد شعيب ( مصر ) وأحمد زغب (الجزائر ) وبن علي محمد الصالح ( الجزائر) ومن تونس نورالدين بالطيّب و بلقاسم جابر وعلي سعيدان و جلال الشعينبي ورياض المرزوقي ومحمد الميّ وحسن مبارك وغيرهم.
- ثانيها: المعارض الثقافية. إذ سنخصّص فضاء المدرسة الكبرى بدوز لإقامة المعارض الثقافية المتنوّعة ( معرض الكتاب / معرض صور المرزوقي / معرض تاريخ المهرجان / معرض كتب الأدب الشعبي / معرض التمور / معرض الطيور المستقرة والمهاجرة / معرض القصة ـ الومضة / معرض الأعشاب الطبية / معرض الفنّ التشكيلي / معرض التراث الجزائري / المعرض الليبي للسيدة زهرة عمر الخير / معرض ذوي الاحتياجات الخاصة / ... ) ولن يندم الجمهور على ارتياد هذا الفضاء لما يوفّره من وجبة ثقافية دسمة متنوّعة.
- ثالثها: التكريم، وننوي تكريم فئتين: الأولى ارتحل أصحابُها إلى دار البقاء خلال السنة الماضية بعد أن أدّوا خدماتٍ جليلةً للمهرجان، وذلك بإقامة معارض وصور لهم وأشرطة وثائقية قصيرة توثّق لحياتهم وانطباعات الجمهور عنهم. أمّا الثانية فلمن أدار المهرجان في دورات سابقة. نريد لمّ الشّمل بعد مرحلة صعبة من الإهمال والتناسي والتصنيف والفرز لنشكر كلّ من قام بمجهود لفائدة مدينته أوّلا وبلاده ثانيا.