ترجمتها الأرقام المتعلقة بنسب النمو العالمي إذ لم تنجح دول العالم تقريبا في النجاة من انكماش اقتصادياتها في موفى 2020 ومازالت بعضها في المنطقة الحمراء إلى حدود النصف الأول، وارتبطت الأزمة بتراجع الطلب الذي كان المتحكم الأول في الأسعار.
الأسعار في تغير مستمر في احتكام لقانون العرض والطلب إذ كلما ارتفع العرض وانخفض الطلب انخفضت الأسعار وتتأثر السوق بكل العوامل الأمنية والسياسية والاجتماعية والمناخية والصحية، وكان لانتشار فيروس كورونا تأثيره البليغ في الحركية السوق ومازالت التأثيرات متواصلة الى اليوم مع توقعات بتواصلها على المدى المتوسط ولم تنجو اي من المنتجات من الأزمة وما تم اتخاذه من إجراءات للحد من تفشي الفيروس.
وكانت بداية الأزمة قد ألقت بظلالها على المواد الغذائية والأدوية باعتبار ان الإغلاق الكبير الحق شللا في التصنيع والتنقل فالتركيز كان على توفير منتجات حيوية لحماية الأرواح، وشهدت الفترة الاولى لانتشار الفيروس انكماشا في الطلب ليتحسن مع بداية شهر جوان 2020 وأفادت منظمة الأغذية والزراعة ان أسعار الغذاء العالمية ارتفعت في أوت الماضي بعد شهرين من التراجع، بفعل زيادات بالمؤشرات الفرعية للزيوت النباتية والسكر والحبوب. وارتبط ارتفاع الاسعار في كل الفترات بارتفاع المشتريات و الطلب.
وقد حذّر صندوق النقد الدولي من ارتفاع وشيك في أسعار السلع والمواد الغذائية خلال الفترة المقبلة، خصوصاً مع ظهور بعض مؤشرات تؤكد ارتفاع معدلات التضخم. وفيما تشير أحدث البيانات إلى انخفاض في تضخم أسعار المواد الغذائية الاستهلاكية على مستوى العالم، لكن قد يتغير ذلك خلال الأشهر المقبلة. في حين من المتوقع أن يواجه المستهلكون على مستوى العالم موجة جديدة من ارتفاعات الأسعار مثلما حدث خلال العام الماضي، حين ارتفعت الأسعار في النهاية مرة أخرى.
حسب أرقام منظمة الدول المصدرة للنفط التي نشرت ضمن تقرير افريل 2021 سجل الطلب العالمي على النفط تراجعا بـ 9.5 % وسجلت بلدان منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية تراجعا في الطلب على البترول بـ 12 % . انخفاض الطلب مثل ضغطا على الأسعار التي نزلت في ذروة الأزمة والإغلاق الكبير حيث تراوحت الأسعار بين 18.6 دولار و63.5 دولار للبرميل. وارتبط الانتعاش الاقتصادي بعودة الطلب على كل المواد الخام والمواد الأولية وتشير تقارير متطابقة إلى ان الطلب على المواد الأولية عاد الى الارتفاع تزامنا مع الانتعاشة المسجلة في الاقتصاديات المتقدمة خاصة.
انخفاض الطلب على السفر وتحذير من تخفيض الأسعار
كان السفر والسياحة أكثر القطاعات تأثرا بجائحة كوفيد 19 ومازالت الآثار واضحة فقد أعلن الاتحاد الدولي للنقل الجوي «إياتا»، انخفاض الطلب العالمي على السفر خلال جويلية الماضي، 53.1 % في مقارنة بالفترة نفسها من العام 2019. وكانت شركات الطيران وفق الاتحاد الدولي للنقل الجوي قد قامت في العام الماضي بتخفيض أسعار التذاكر للتشجيع على السفر وهو ما اعتبره الاتحاد تهديدا للشركات. واعتبر الاتحاد أن التخفيضات لا يمكن أن تتحملها الشركات باعتبار الإجراءات الصحية الإضافية والتكاليف الجديدة لذلك. ليواصل السفر والسياحة الانكماش الذي يشهده منذ أكثر من سنة وسط تأثير كبير للعامل الصحي في نوايا السفر.
إذن يطال قانون السوق (عرض وطلب) كل القطاعات مما وتظهر الآثار أكثر في هذه الفترة التي بدأت جل الاقتصاديات تسترجعه أنفاسها بعد الانكماش الذي عرفته الفترة الماضية وقد اظهر مؤشر التضخم
تونس تحت تأثير حركية الأسعار
تظهر تونس تأثرها الكبير تجاه الأسعار هبوطا وصعودا باعتبار تبعيتها الى التوريد في أكثر المنتوجات تأثرا بالمتغيرات على غرار الغذاء والطاقة مما يعرضها أكثر إلى مخاطر التضخم وتجدر الإشارة الى ان نسبة التضخم تسجل مستوى مرتفع بلغ في شهر أوت الماضي 6.2 %. فعدم ملائمة الفرضيات مع الاسعار العالمية تضع تونس في مأزق ففي ميزانية العام الحالي بنيت على فرضية 45 دولار للبرميل الذي مازال الى اليوم في مسوة فوق 70 دولار ومن المرجح ان ينهي العام عند 75دولار. كما ان عدم ترشيد الواردات في هذا الظرف الحساس يفتح الباب على مصراعيه امام ارتفاع الاسعار بمنتجات هي من الكماليات. وعدم كفاية المحاصيل الفلاحية لتغطية الاستهلاك المحلي وما يشهده العالم من موجة جفاف في مناطق الانتاج يزيد ايضا من خطر ارتفاع الاسعار. وستكون الموجودات الصافية من العملة الصعبة تحت ضغط ارتفاع كلفة المشتريات بعنوان الواردات.