البنك المركزي يكذب ماراج عن جاهزية المنشور ومضمونه: المؤسسات البنكية تنفي تأثر أسهمها في البورصة اقتصاديون يرون فيه تحكما في السيولة والتضخم وحاجزا أمام الاستثمار

نفى رئيس الجمعية التونسية المهنية للبنوك والمؤسسات المالية أحمد كرم تأثر أداء القطاع البنكي

في البورصة خلال الساعات الأخيرة بخبر مشروع البنك المركزي التونسي الجديد والذي ينص على إلزام البنوك باحترام معيار احترازي «القروض/ الودائع» لا يتجاوز نسبة 110 % ، حيث شهد مؤشر توننداكس تراجعا يوم الخميس المنقضي بنسبة 2.96 في المائة أرجعه خبراء اقتصاد إلى لجوء عدد من المستثمرين إلى التفويت في أسهم البنوك المدرجة بالبورصة .

قال رئيس جمعية البنوك أحمد كرم في تصريح لــ«المغرب» أن أداء القطاع في البورصة مبني على العرض والطلب ومن قواعد البورصة التأرجح بين الصعود والتراجع ومن الطبيعي أن يشهد القطاع البنكي تراجعا مثلما يشهد نموا فهذه قواعد البورصة وليس لمشروع البنك المركزي شأن في ذلك مشيرا أنه لايمكن التعليق على المنشور طالما أنه لم يصدر أي نص واضح بعد مؤيدا في الوقت ذاته مانص عليه بيان البنك المركزي في جانبه المتعلق أن المشروع « لا يزال في طور النقاش مع المهنة».

إجبار البنوك على الحد من إسناد القروض
أما في مايتعلق بالمنشور الذي ينتظر إن يصدره البنك المركزي والذي مايزال في طور المشروع , فقد رافقه العديد من «اللغط» مثلما ما وصفه البنك المركزي, حيث كتب الخبير المحاسب وليد بن صالح على صفحته الرسمية عبر موقع التواصل الاجتماعي الفايسبوك إن البنك المركزي يعتزم إصدار خلال الأيام القادمة، منشور جديد يفرض على البنوك إحترام نسبة قروض/ودائع جديدة، لا يمكن أن تتعدى مستوى 110 بالمائة, غير إن اغلب البنوك تجاوزت بشكل مهم هذه النسبة. وستكون البنوك مجبرة على الحد من إسناد قروض جديدة وتحسين مستوى التغطية وتحصيل الودائع», وذكر بن صالح أن البنك المركزي التونسي أصدر (منذ جوان 2018) منشورا يحدد قواعد جديدة لاحتساب نسبة القدرة على الإيفاء بالتعهدات للبنوك، والذي يأخذ في الاعتبار ولأول مرة مخاطر السوق (الصرف ونسب الفائدة) واستبعاد عدد من العناصر في احتساب الأموال الذاتية للبنوك. كما ينص المنشور على معاقبة أي تجاوز للمستويات المحددة، خاصّة، الإسهامات خارج القطاع البنكي والمالي.
ووفقا لتحليل المصدر ذاته ،فإن ذلك يتطلب احترام ما جاء بالمنشور الجديد الترفيع في الأموال الذاتية لأغلب البنوك (الترفيع في رأس المال والحد من توزيع الأرباح وإطلاق الرقاع المشروطة في حال توفر السيولة) أوالحد من إسناد القروض والتعرض إلى مخاطر السوق وخاصة منها مخاطر الصرف (تمويل التجارة الخارجية)

البنك المركزي يكذّب
تداول هذه التدوينة على الفايسبوك عبر قنوات التواصل الاجتماعي وفي وسائل الإعلام دفع البنك المركزي إلى إصدار بيان ضمنه الآتي « أنه تجنبا لأي سوء فهم أولغط لدى الرأي العام حول ماروج عن مشروع منشور البنك المركزي التونسي الجديد وخلافا لما تم تداوله فإن البنك المركزي التونسي لا ينوي استهداف نسبة محددة لهذا المعيار تساوي 110 % وإنما يعتزم من خلال هذا المنشور الذي لا يزال حاليا في طور المشروع دفع البنوك التي سجلت مستويات مرتفعة جدا لهذا المعيار - بلغ لدى بعضها نسبة 150 % - الى الحط منها تدريجيا و ذلك في حدود 3 % كل ثلاثة أشهر علما وان البنوك التي تحتكم على نسب تساوي أو تقل عن 110 % تبقى غير مشمولة بهذا الإجراء»
كما أشار نص البلاغ إلى «أن إرساء هذا المعيار لا يهدف إلى التقليص من القروض الممنوحة للاقتصاد بل يبقى هدفه الأساسي حث البنوك على بذل جهود إضافية لتعبئة ودائع الحرفاء التي تتميز بأكثر استقرارا وأقل تكلفة بما يمكن البنوك من جهة من تركيز إدارة أكثر فاعلية لمخاطر تحويل الآجال (risque de transformation) ومن جهة أخرى دفعها لابتكار منتجات مالية جديدة قادرة على تعبئة موارد إضافية.

وأكد البنك بأن هذا الإجراء يعد إجابة لوضعية خاصة تتميز بشح السيولة البنكية بما أدى إلى اللجوء المكثف إلى موارد البنك المركزي التونسي قصيرة الأجل و جعل البنوك أكثر عرضة لمخاطر تحويل الآجال ،مشيرا إلى أن مشروع اعتماد المعيار الاحترازي «القروض/ الودائع» – والذي لا يزال في طور النقاش مع المهنة - سيكون محدودا في الزمن ليتم تعويضه لاحقا بمعيار السيولة على المدى الطويل للجنة بازل الذي يأخذ بعين الاعتبار مخاطر السيولة على أساس المدى الزمني إضافة إلى مختلف آجال عناصر الأصول و الخصوم.

ووفقـا لتصــريح مصــدر مطلـع لــ«المغرب» فإن هذا المشروع جاء استجابة لارتفاع شح السيولة وإيقاف نزيف السيولة التي يضخها البنك المركزي إلى البنوك والتي وصلت إلى 16 مليار دينار مقارنة بديسمبر 2010 والذي كان في حدود مليار دينار وهومستوى لم يسبق للبنك المركزي بلوغه، أي الطلب البنكي المكثف على السيولة من البنك المركزي من أجل إعطاء قروض, غيران قسما كبيرا من السيولة التي يمنحها البنك المركزي تذهب إلى القروض الاستهلاكية وبالتالي يساهم في الترفيع في نسبة التضخم ويصعد من احتياجات البنوك.

وبين مصدرنا أن هذا المشروع يأتي لتضييق عمليات ضخ السيولة وتحديد سقف يتلاءم مع الوضع الحالي الذي يتميز بشح السيولة من أجل التقليص في حجم تمويلات البنوك، الأمر الذي يدفع البنك المركزي إلى التدخل خاصة وأن التقليص من نسبة التضخم من بين توصيات صندوق النقد الدولي, والبنك المركزي يبحث عن طرق للتحكم في التضخم بحكم عدم إمكانية الترفيع في نسبة الفائدة في الوقت الحالي بإعتبار استقرار نسبة التضخم ولذلك ارتأى البنك المركزي إعتماد «معيار احترازي «القروض/ الودائع»كسلاح يستطيع من خلاله مواجهة ارتفاع شح السيولة من جهة وارتفاع نسبة التضخم في الوقت ذاته على إعتباره سيقلص من القروض الاستهلاكية من الناحية النظرية.

إجراء يصعب الالتزام به
وعن مخاطر هذا الإجراء ,فقد ذكر محدثنا انه إجراء حمائي يرمي إلى مراقبة البنوك التي تعطي قروضا أكثر من حجم الودائع ويأتي منح القروض على اعتبار أن المؤسسة البنكية تسند قروضا إلى حرفاء وتعول على ودائع آخرين ولكن في حال حدوث أزمة مالية ،البنوك تخسر ثقة حرفائها وينتهي الأمر بسحب الحرفاء لأموالهم في وقت واحد ،غير أنه في الوضعية العادية لا توجد مخاطر لان تطبيق المعيار من شأنه أن يؤثر على الودائع والقروض، موضحًا أنه من حيث الودائع سيعزز ثقة المودعين فى البنوك لأنها توفر ضمانات أكثر وحماية أوفر من السابق، وهو ما يمكن البنوك من توفير السيولة والوفاء بالتزاماتها.

وأضاف أن الإشكال في هذا المعيار, يصعب الالتزام به جراء ضعف معدلات الادخار التي تراجعت خلال السنوات الأخيرة، كما أن نسبة الفائدة الحقيقية على الادخار سلبية وفسر ذلك كون نسبة الفائدة على الادخار بمعدل 5 في المائة ونسبة التضخم 7.5 في المائة وفي حال احتساب على أساس سنوي سيكون هناك فارق سلبي ب2 في المائة أي أن المدخر لن يجني شيئا, المعادلة ذاتها بين نسبة الفائدة على الادخار 5 في المائة ونسبة الفائدة على الاقتراض 7 في المائة.

وأكد محدثنا انه يصعب على البنوك الالتزام بهذا المعيار في الوقت الراهن,لاسيما مع وجود مؤشرات بإرتفاع مستوى التضخم إلى جانب تدهور المقدرة الشرائية ،وهما عاملان يؤثران في مستوى الادخار إلى جانب نسبة الفائدة السلبية.

حقيقة ماحدث في البورصة
التراجع الذي عرفته البورصة مؤخرا, فسره محدثنا بأن المعيار الذي سيعتمد يرمي إلى تقليص حجم منح البنوك للقروض مما يعني التقليص من حجم الفوائد الربحية التي تجنيها من الإقراض ومع تداول هذا الخبر هناك من المستثمرين من رأى أن يقوم ببيع الأسهم من البنوك وشراء أسهم في مجالات أخرى وانتظار تراجع أسهم البنوك إلى مستويات متدنية ومن ثم شرائها وهو منطق المضاربة .

وبالتالي سيحد المعيار من قدرة البنوك على الإقراض وبالتالي أرباح البنك ستتقلص مع نهاية العام و بالتالي تقلص حجم الأرباح على الأسهم.

من المعني بتطبيق هذا المعيار؟
في حال تطبيق هذا المعيار,سيجد القطاع البنكي نفسه مجبرا على الحصول على ضمانات وسيحصل أصحاب الرواتب القارة و رجال الأعمال على القروض في حين سيحرم أصحاب المشاريع الصغرى والمؤسسات المتوسطة الجديدة بناءا على ثقل الضمانات التي ستطلبها البنوك و التي لا تتوفر عادة لدى الباعثين الجدد وهو ما من شأنه أن يحد من الاستثمار وخلق مواطن شغل .

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115