ومن بين المؤشرات التي تشهد ارتفاعا قياسيا الحجم الجملي لإعادة التمويل ليسجل في الفترة الأخيرة أرقاما قياسية وهو من الدلائل المثيرة للقلق حسب ما جاء في التقرير السنوي للبنك المركزي للعام 2017.
في مقارنة بأخر رقم نشره البنك المركزي متعلق بإعادة التمويل ليوم الجمعة 10 أوت بلغ الحجم الجملي اكثر من 16 مليار دينار وكانت السنة الفارطة قد سجلت في نفس الفترة نحو 10 مليار دينار. الفارق بين الفترتين يكشف الحاجة المتزايدة من البنوك للسيولة وهو ما يحيل أيضا إلى ضعف الادخار وأيضا الى ارتفاع الاقتراض للاستهلاك المتأثر بضعف المقدرة الشرائية للمواطن.
وكان محافظ البنك المركزي قد كشف في التقرير السنوي للبنك للعام 2017 عن تزايد مواطن الضعف في القطاع المالي نتیجة ضعف الادخار الوطني، الذي واصل بالنظر إلى الحاجیات المتزایدة للاقتصاد، التأثير بشدة على سیولة الجهاز المالي.
وعلى إثر ذلك وبهدف الحفاظ على بيئة مالية ملائمة للاستثمار، قام البنك المركزي مؤخرا بتعديل سياسته لإعادة التمويل من خلال توفير سيولة أكثر استقرارا للجهاز المصرفي، تكون مخصصة لإعادة تمويل القروض المسندة للمشاريع المنتجة الجديدة التي تم إحداثها من قبل الشركات الصغرى والمتوسطة، وذلك بهدف تحفيز النهوض بالاستثمار.
ومن ناحية أخرى وفيما يتعلق بمتابعة إصلاح حوكمة الجهاز المالي، وضع البنك المركزي هدفا يتمثل في التقارب تدريجيا مع المعايير الدولية. وعلى هذا الأساس، سيساهم إحداث أدوات مثل صندوق ضمان الودائع البنكية واعتماد وضعية «المقرض الملاذ الأخير» في إرساء سياسة نقدية أكثر استقلالية عن طريق تعزيز آليات تمريرها وهو ما سيمكن من العمل بشكل أكثر فاعلية على تحقيق أهدافها الأساسية المتمثلة في استقرار الأسعار والاستقرار المالي.
والادخار الوطني يتاثر ايضا بضعف الإنتاج خاصة منها تراجع اداء القطاعات المصدرة على غرار الفسفاط يقلص من العائدات بالعملة الصعبة وبالتالي الضغط أكثر على السيولة. فارتفاع الواردات وان كانت الصادرات تسجل ارتفاعا يزيد من حاجة البنوك الى البنك المركزي لشراء العملة الصعبة لتغطية التعهدات الخارجية للفاعلين الاقتصاديين وهو ما يؤدي الى عدم تطور في احتياطي البلاد من العملة الصعبة الذي ظل يتراوح الاسبوع الفارط بين 70 و71 يوم توريد.