خلال «لقاءات السقيفة الكحلة»: الديمقراطية واللامركزية في حاجة إلى قيادة ذات مصداقية لتحقيق التنمية المحلية

تعد اللامركزية من ابرز الركائز في عمليات التحول الديمقراطي فقد أكّد الهادي العربي أستاذ

بجامعة هارفارد خلال محاضرة ألقاها في إطار سلسلة اللقاءات التي تنظمها جمعية ديناميكية التأملات الاقتصادية في المهدية والتي كانت بعنوان «الديمقراطية واللامركزية والتنمية» أن إرساء الديمقراطية ونجاحها يظل نسبيا وان تمت بشكل جيد وتضمنت المداخلة إبراز أهمية اللامركزية وكيفية تحققها في تونس.

المداخلة التي ارتكزت أساسا على أهمية اللامركزية في التحول الديمقراطي تضمنت أيضا تأكيدا على ان عمليات التحول الديمقراطي التي حدثت في السنوات السبعين الماضية أظهرت ان الحالات التي نجحت من البداية او من المرة الثانية بلغت نسبة 46 % اي ان نسبة النجاح من البداية صعبة الا ان هذه النماذج نجحت في العودة بعد 20 سنة كما أضاف ان ثلث البلدان التي بدات في إرساء الديمقراطية آخذت حيزا زمنيا كبيرا مشيرا الى انه بمجرد تجاوز الخمس سنوات تبدأ المؤسسات في التراجع وتضعف الدولة وهي دوامة من الصعب الخروج منها. الثلث الاخر هو الذي فشل في التحول الديمقراطي ونجح اقتصاديا وكسب تاييدا جماهيريا.
بالنسبة الى تونس فإنها بين النوعين الاخيرين فهي في مرحلة ديمقراطية غير منتهية ولهذا تطرح تساؤلات حول حظوظ ارساء اللامركزية؟ و في ظل ضعف المستوى المركزي وما الذي يمكن فعله على مستوى محلي؟
واللامركزية حسب الهادي العربي ترتكز أساسا على اللامركزية السياسية واللامركزية الادارية واللامركزية الجبائية.

ليطرح تساؤل حول أسباب اعتبار اللامركزية من الأولويات داخل الأنظمة الديمقراطية فهي من وجهة نظر الاقتصاديين آلية من شانها أن تحسن من الخدمات والاقتراب من مشاغل المواطنين على ان يكون المكلف بادارة الشان المحلي على دراية بالاحتياجات الخاصة بالناس.كما ان ادارة شؤون المدينة وتحقيق التنمية المحلية تحتاج الى مؤسسات قادرة على التخطيط والتنظيم وهذا لابد ان يكون على مستوى محلي. وهذا يعني ان اللامركزية تستهدف تعزيز التنمية الاقتصادية والمحلية وتحسين الخدمات العامة من تعليم وصحة وكهرباء.

بالنسبة إلى فرص إرساء اللامركزية في تونس فإنها تتمثل في النجاح في إدارة انتخابات شفافة وديمقراطية وهي تعد خطوة هامة كما انه لتونس تقاليد في هذا الشأن تعود إلى العام 1980 حيث كان هذا تاريخ أول مشروع تنمية بلدي ثم تتالت المشاريع إلا أن الوضع تدهور اليوم نظرا لغياب مخطط تنموي حضري الى جانب ضعف راس المال البشري المختص في التمويل المحلي الى جانب ضعف الحوكمة المركزية وهشاشة الاقتصاد.

ومن المشاكل التي تمت أثارتها أهمية التوقيت لبدء الإصلاحات والمشكل الثاني أهمية مخطط مفصل
وفي تونس عكس ماهو موجود في العالم حيث تعتمد اللامركزية على خفض عدد البلديات الا انه في تونس تم إنشاء نحو 85 بلدية جديدة معظمها ريفية وتفتقد إلى فريق إداري.

فالتنمية الاقتصادية والاجتماعية لا يمكن تحقيقهما بالديمقراطية واللامركزية على الرغم من أنهما يساعدان ويسهلان الأمر، فالتنمية الاقتصادية والاجتماعية تعتمد على جودة المؤسسات ولهذا فان تونس تحتاج إلى مؤسسات عملية مختصة مبينا انه لا توجد وصفة صالحة لكل الاقتصاديات فلكل اقتصاد خصوصياته.

لبدء عملية اللامركزية لابد من اختيار التوقيت المناسب وتدريب الجهات المعنية لضمان إدارة جيدة لشؤون المواطنين اليومية وان يتمتع صانع القرار بالمصداقية وشرعية حتى ينجح في ممارسات الحكم المحلي وإرساء الحوكمة الرشيد. ويوجد في تونس عنصران مفقودان في تونس الأوّل هو وجود فراغ على مستوى وجود قيادة سياسية والثاني إعادة تنشيط مشاركة المجتمع المدني للمساهمة في التنمية المنشودة.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115