لا انه تزامنا مع التدفق المكثف للاستثمارات الأجنبية المباشرة بداية من سنة 2004 وذلك في إطار عمليات الخوصصة، وخاصة المتعلقة بالتفويت في 35 % من رأس مال شركة «اتصالات تونس» في سنة 2006 بمبلغ قدره 2.250 مليون دولار أمريكي. ارتفع احتياطي البلاد من العملة الصعبة إلى أكثر من 186 يوما سنة 2009.
وأخذت هذه النسبة منحى تنازليا منذ 2010 لتتراجع الى 90 يوما من التوريد خلال الثلاثي الثالث من العام 2012، وذلك تأثرا بالأزمة التي مرت بها منطقة الاورو والأحداث السياسية والاجتماعية التي شهدتها تونس منذ شهر جانفي 2011، وبفضل التمويلات الخارجية تمكنت هذه النسبة من استعادة مستويات تفوق 100 يوم من التوريد،
وخلال سنة 2017 ،استفاد مستوى الاحتياطيات بالخصوص من تحصيل إصدار بقيمة 850 مليون اورو، فارتفع المخزون من 99 يوم إلى 116 يوم ليعود لاحقا إلى الانخفاض وذلك نتيجة استمرار الضغوط المسلطة على الميزان التجاري والدفوعات بعنوان خدمة الدين الخارجي. وتضاؤل التدفقات بالعملة الأجنبية المرتبطة من جهة باضطرابات إنتاج الفسفاط والنفط ومن جهة أخرى بانخفاض المقابيض بالنقد الأجنبي على الرغم من تحسن النشاط السياحي وذلك جراء ارتفاع المعاملات بالعملة الأجنبية في السوق الموازية.
وبلغ مخزون العملة الأجنبية 90 يوما من التوريد في منتصف شهر أوت وذلك بالخصوص على إثر تسديد أصل وفوائد إصدار ساموراي بحجم 2.7 مليار يان ياباني. وقد مكن تحصيل قرض من البنك الدولي بقيمة 456 مليون أورو بتاريخ 22 أوت من الترفيع في مستوى الاحتياطيات من العملة الأجنبية إلى 103 أيام من التوريد. وتجدر الإشارة في هذا الصدد إلى أنه علاوة عن الطابع الدوري لتطور الاحتياطيات في تونس
المرتبط بالنشاط الاقتصادي، فإن التصرف في مخزون الموجودات من العملة الأجنبية ومثلما حدث مؤخرا، يعرف بعض التفاوت بين النفقات التي حل أجل خلاصها والمقابيض المبرمجة وهو ما يؤدي في أيام التوريد بعض الأحيان إلى انخفاض ملحوظ نسبيا لهذا المخزون ولكنه مؤقت حيث أن البنك المركزي يسعى إلى إبقاء هذا المخزون في مستوى يفوق المستوى الاستراتيجي الذي يمكن من بلوغ الأهداف الموكولة للاحتياطيات من العملة الأجنبية. ومن هذا المنطلق، فإن الحفاظ على الموجودات من العملة الأجنبية في مستويات مقبولة يستوجب التحكم في نسق تفاقم العجز التجاري الذي بلغ خلال شهر جويلية الماضي 1.09 مليار دينار وخاصة استئناف النشاط في القطاعات المدرة للعملة الأجنبية والقضاء على كل نشاط اقتصادي مواز من شأنه أن يقوم بامتصاص الموارد سواء بالعملة الأجنبية أو بالدينار بطريقة لا يمكن التحكم فيها.