تكشف التقارير الدولية والمحلية عن تفاقم التجارة الموازية التي تتغذى من التهريب وقد كان آخر حديث لعبد الله ساي، ممثل البنك الدولي في تونس، أكد فيه أن البلاد تخسر حوالي 800 مليون دولار سنويا (1.8 مليار دينار) متأثرة بالأزمة الليبية. كما بين البنك الدولي أن تهريب البنزين من ليبيا نحو تونس أدى الى خسارة 500 مليون لتر سنويا ما يعادل 17 % ما تسبب بخسارة للبلدين وقدر البنك العالمي حجم التجارة «غير الرسمية» في تونس في العام 2014 بـ 1.8 مليار دينار تونسي. وكان علي الذوادي رئيس الغرفة التجارية التونسية الليبية قد صرح في وقت سابق لـ«المغرب» ان حجم المبادلات التونسية الليبية تراجع بنسبة تتراوح بين 50 و70 %. وتشير كل المعطيات المحلية الى ان التجارة الموازية فاقت الـ50 %.
وكان رياض عطية رئيس البعثة التجارية التونسية بالجزائر قد اكد في تصريح صحفي ان حجم المبادلات التجارية بين تونس والجزائر بلغ في العام 2015، ما حجمه 1.25 مليار أورو (3.6 مليار دينار تونسي)، حيث صدرت الجزائر إلى تونس ما قيمته 750 مليون أورو (1815 مليون دينار تونسي ) واستوردت منها ما قيمته 500 مليون أورو (1210 مليون دينار تونسي).
اختلاف السلع المهربة
التهريب الذي ينشط في الاتجاهين من والى تونس تتنوع منتوجاته من بلد إلى آخر ففي تصريح لـ«المغرب» يؤكد محمد العيفة مدير عام المنافسة والأبحاث الإقتصادية بوزارة التجارة انه بالنسبة الى البوابة الشرقية فان المواد التي يتم تهريبها الى ليبيا تتمثل اساسا في المواد الاستهلاكية العجين والسكر الغذائي خاصة في الوضعية الحالية التي تمر بها ليبيا مشيرا الى ان هذه المواد كان يتم تهريبها من ليبيا الى تونس كما اضاف المتحدث انه في الاسابيع الثلاثة الاخيرة اغلقت مدينة بن قردان مما يمثل دافعا لنشاط عمليات التهريب.
ويشير المتحدث الى ان التهريب يمر عبر مسالك غير مراقبة كما يتم في هذه الفترة في حركة عكسية اي من ليبيا الى تونس ادخال عدد كبير من المواشي والمنتوجات ذات الصنع الصيني خاصة باعتبار ان ادخالها الى ليبيا سهل مقارنة بتونس بالإضافة الى المحروقات.
اما بالنسبة الى البوابة الغربية بالاساس فيتم جلب اجهزة التلفاز والمكيفات والأجهزة الكهرومنزلية اما الحركة العكسية فقد اكد العيفة انه يتم الان تهريب الابقار وبعض الكميات من المواد الاستهلاكية أما السجائر والمحروقات فتشترك فيها البوابتان.
وأوضح المتحدث ان السلطات التونسية تعمل على التقليص من الاقتصاد الموازي الذي يتغذى من التهريب الى 20 % في افق سنة 2020 مبينا أن الأرقام تتحدث اليوم عن 50 % مشيرا إلى أن الاقتصاد الموازي يمثل 12 % على مستوى عالمي.
تردّي الاقتصاد المنظم يعزز التهريب
من جهته اكد محسن حسن وزير التجارة السابق في تصريح لـ«المغرب» ان التهريب متفش بدرجة كبيرة على الحدود التونسية الجزائرية والحدود التونسية الليبية ويعود هذا الانتشار الكبير الى عدة عوامل حسب المتحدث وهي بالاساس تعود الى العامل الاقتصادي المتمثل في تراجع فرص الاستثمار وتردي الاقتصاد المنظم وهو مايدفع المتعاملين الاقتصاديين للالتجاء الى الاقتصاد غير المنظم.
العامل الثاني هو عدم القدرة الى اليوم على مراقبة كل الحدود على الرغم من المجهودات المبذولة وهو ما يؤكد اهمية بسط نقاط مراقبة تغطي كل الحدود. كما أضاف المتحدث ان الفساد ايضا مازال متفشيا وليس على الحدود البرية فقط حسب قوله.
ولفت محسن حسن الى أن الفارق في الأسعار بين تونس والجزائر وتونس وليبيا فيما يخص المنتوجات يشجع على التهريب وهذا الفارق يعود الى المنظومة الجبائية والمعاليم الديوانية التي تستحق المراجعة. مشيرا الى انه حين يكون هناك منتوج يشهد تداولا كبيرا في السوق الموازية فإنه يجب تخفيض المعاليم الديوانية مثلما حصل مع المشروبات الكحولية مبينا ان المدن التونسية تشكو ضعفا في الفضاءات المعدة لاحتواء الانتصاب الفوضوي.
من جهة اخرى عرج المتحدث إلى ضعف وجود الدولة في المناطق الحدودية المفقرة مؤكدا أنها مناطق تحتاج الى تطوير مرافق الحياة لانتشالها من اللجوء للتّهريب. هذا بالإضافة إلى ضعف المجهود التنموي في المناطق الحدودية وغياب برامج وطنية لخلق فرص عمل حقيقية للأهالي. وأضاف المتحدث انه لابد من الاهتمام بالمناطق الحرة التي من شانها أن تحد من التهريب، داعيا إلى إعطاء الأولوية لرجال الأعمال لصنع التكامل الاقتصادي بين البلدان الثلاثة مشيرا الى ان الدول الثلاث تتحمل مسؤولية في ارتفاع حجم المواد المهربة.
اما فيما يتعلق بما تضمنه قانون المالية للعام 2017 فإنه من شان الشرطة الجبائية ورفع السر البنكي ان يكونا من العوامل المهمة لمكافحة التهريب والاقتصاد غير المنظم.