ينتظر الطرف التونسي التقرير الذي سيصدر اثر انهاء النقاشات مع صندوق النقد الدولي التي ستستمر في واشنطن واثر الزيارة التي قام بها خبراء الصندوق والتي كانت بهدف مناقشة أولويات الإصلاح الاقتصادي في إطار المراجعة الأولى للبرنامج الاقتصادي للبلاد التونسية، الذي يدعمه اتفاق يدوم أربع سنوات ضمن الآلية الموسعة للقرض المصادق عليها منذ ماي 2016 بحجم 2.9 مليار دولار والتقرير سيكون حول مواصلة صندوق النقد الدولي لبرنامجه مع تونس أو إيقافه.
الاتفاق مع صندوق النقد الدولي يتنزل في إطار برنامج جديد يمتد على 4 سنوات مبني بالأساس على الإصلاحات وهو نوع من البرامج يرتبط الاستمرار فيه بمدة التقدم في الإصلاحات وحسب ما تحصلت عليه «المغرب» من معطيات عن رأي خبراء النقد الدولي في الأوضاع المالية بتونس عند متابعتهم للإصلاحات التي قامت بها تونس كانت الملاحظة أن تونس تحرز تقدما في هذا الشأن رغم التراجع في نسبة النمو التي كانت في نهاية 2015 في حدود 0.8 % والاتفاق بني على نسبة نمو بـ 3 % وفي السداسية الأولى من العام الجاري بـ 1.2 %.
إلا أن النقاط المتعلقة ببلوغ مستويات معقولة للنفقات العمومية وبالأخص كتلة الأجور والميزان الجاري لم تكن مثلما اتفق عليها في شهر ماي الفارط.
وتونس مطالبة اليوم بالمحافظة على التوازنات المالية و دعم الاستثمار بعد ان ابتعدت عن مسار التوازنات المتفق عليها في البرنامج لسببين هما غياب النمو والإرهاب.
للمستويات المحددة للمصاريف الجارية أن تكون كتلة الأجور في أقصى الحالات 70 % وتبلغ اليوم 75 % من حجم الميزانية وكانت كريستين لاغارد مديرة صندوق النقد الدولي قد انتقدت ارتفاع كتلة الأجور في تونس سنة 2015 معتبرة انها من بين الأرفع في العالم حيث تمثل 13 % من الناتج المحلي الخام.
علما وانه بسبب عدم إحراز تقدم بشان خفض العجز في الميزانية وفي كتلة الأجور لم يتم صرف القسط الأخير من القرض أواخر 2015 وتم الاتفاق مع الحكومة التونسية بإلحاق القسط الأخير من قرض 2013.
والاتفاق الجديد هو برنامج يعتمد على الإصلاحات بداية من سنة 2016. وفي زيارة سابقة لخبراء النقد الدولي تم تسجيل ملاحظات عديدة من بينها التأكيد على أن كتلة الأجور أصبحت 14.1 % علما وان البرنامج الأخير والذي لم يتم صرف القسط الأخير منه بسبب بلوغ كتلة الأجور 13.5 % ورغم هذا الارتفاع وافق النقد الدولي على الانطلاق في البرنامج على أساس كتلة أجور بـ 14.1 % والعجز في الميزانية 3.9 % على أن يتم النزول بكتلة الأجور العام القادم 13.9 % لكن في الزيارة الأخيرة وجد وفد النقد الدولي أن كتلة الأجور بلغت 14.4 % والعجز 5.7 % وفي صورة لم يتم تأجيل الزيادة في الأجور فان كتلة الأجور العام المقبل ستصل إلى 15.3 %، الإشكال هو أن النقد الدولي وافق على التأجيل بسنة للزيادات وهو مقترح الحكومة التونسية الذي ضمنته في مشروع قانون المالية 2017 ، وتونس تدفع نحو قبول النقد الدولي بحلول من الصعب قبولها من بلدان أخرى وذلك لاعتبارات الانتقال الذي تعيشه تونس إلا أن الاتحاد العام التونسي للشغل يعتبر تأجيل الزيادات خط احمر لا يمكن المساس به.
المعضلة الأخرى التي تواجهه الحكومة هي في مصادر تمويل الميزانية من الاقتراض التي تعتمد على 67.2 % من مواردها على الموارد الخارجية و32.8 % من التداين الداخلي. على أن تبلغ نسبة الدين العمومي 63.8 % من الناتج المحلي الإجمالي. علما وانه منذ الثورة كانت المؤسسات المالية الدولية وبالخصوص صندوق النقد الدولي من بين أهم الأطراف التي مولت ميزانيات الأعوام الفارطة باستثناء بعض القروض من بعض البلدان .
وصندوق النقد الدولي سيواصل برنامجه مع تونس إذا ما اتخذ كل من العجز في الميزانية و كتلة الأجور والعجز منحى تنازليا إلى حدود 2020. الإشكال المطروح اليوم هو لو تم تفعيل الاتفاق بخصوص الزيادات في الأجور بعنوان سنة 2017 فان صندوق النقد الدولي سينسحب من البرنامج المبرم مع تونس. علما ان تونس تعد الأولى في البلدان النامية من ناحية ارتفاع كتلة الأجور والثانية في تصنيف البلدان المتقدمة بعد فنلندا.