المجتمع المدني في المناطق الداخلية ...صوت المواطن وصدى لمشاغل الجهة: كيف تساهم حرية الرأي والتعبير والاعلام للجمعيات في تحقيق الأهداف التنموية ؟

تسعى عديد منظمات المجتمع المدني والجمعيات الناشطة في المناطق الداخلية ببلادنا التونسية لإيصال صوت المواطن وواقع هذه الجهات ومعاناتها ومشاغلها،

انطلاقا من الحق في التعبير بكل حرية في إطار القانون والقواعد والتشريعية .

ويتزايد دور هذه الجمعيات خاصة في ظل التهميش الذي تعاني منه المناطق الداخلية وعلى مختلف المستويات التنموية والاجتماعية والصحية والبيئية والتعليمية وغيرها. فأي مسؤولية تلقى على عاتق المجتمع المدني لتعزيز الحق في التعبير عن مشاغل المواطن والجهة ؟
أدوار رئيسية
تؤكد رباب مرداسي -وهي مهندسة فلاحية ومنسقة ناشطة في جمعية التنمية والعدالة الاجتماعية من غار الدماء -بأن الجمعية التي تمثلها تقوم منذ تأسيسها بعديد النشاطات التنموية والفلاحية والاجتماعية وكذلك البيئية وتقوم كذلك بعديد الورشات التكوينية والأيام التحسيسية في محاولة للوصول لجميع شرائح المجتمع . وتوضح في حديثها لـ" المغرب " بالقول :"ان أي مواطن لديه الحق في التجمع وفي التعبير عن حقه ورأيه وحرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات الذي يكفله له الإعلان العالمي لحقوق الانسان . فكل فرد ومواطن له الحق في الحرية التامة لكي يتفاعل في التعبير عن المصالح المشتركة للأفراد ويسعى لتحقيقها والدفاع عنها ويجب ان يكون ذلك في اطار القانون وما تضبطه القواعد التشريعية. ودورنا كجمعية يتمثل في إيصال صوت المواطن الذي يعتبر الجمعية كصوت حر يتمكن من خلالها في التعبير عن رأيه ومشاغله بكل حرية وتلقائية". وتتابع بالقول :" بكل صراحة اذا التجأ أي مواطن عادي لأي إدارة او سلطات معنية فانه لن يتم التعامل معه بأريحية مثل ان يتوجه لها بصفته ممثلا عن الجمعيات وهذا من أهم الأدوار الرئيسية للجمعية في إيصال آراء ومشاغل كل المواطنين".
وتضيف :" الحق في التعبير عن مشاغل الجهة والمواطن يتبلور في النشاطات التي تقوم بها الجمعية وكذلك الأيام التدريبية . فمؤخرا اشتغلنا على حقوق الانسان والمرأة ونظمنا يوما تحسيسا حول العنف ضد المرأة . وكذلك بإمكاننا التحدث عن مساهمة الجمعية في مساعدة المواطنين وتحسين وضعهم الاجتماعي والتضامن معهم . وهي تعمل على مبدأ "الاقتصاد التضامني الاجتماعي"، فهذا المشروع انطلق منذ عام 2015 وممول من "فكرة تونسية" وتمّ انشاء نقطة ماء في منطقة نائية ومهمشة هي منطقة "الرخاء" التي خيّر أغلب مواطنيها النزوح والاستغناء عن السكن فيها. لذلك ساهم هذا المشروع في عودة استقرار المواطنين والعائلات ضمن المنطقة من خلال توفير مصدر حيوي وأساسي في حياة كل مواطن وهو الماء" .
من جهتها تعتبر شيراز ڨاسمي -وهي ناشطة في جمعية التنمية و العدالة الإجتماعية بغار الدماء- لـ" المغرب " بأن الجمعية قامت بعدة دورات تكوينية في حقوق الانسان وسلطت من خلالها الضوء على دور المرأة في اطار حملة 16 يوم لمناهضة العنف ضد المرأة. وقالت :" قمنا بدور تحسيسي تطرقنا من خلاله لمفهوم العنف وإبراز أسبابه وإيجاد حلول له بمشاركة الكثير من المختصين إضافة الى الحضور الكلي للنساء من مختلف الفئات العمرية واللواتي قدمن قصصهن الواقعية في هذا الاطار" .
تحديات حرية التعبير والاعلام
وعما اذا كانت هناك أية قيود تكبّل حرية التعبير والاعلام لدى الجمعيات تجيب شيراز قاسمي بالقول :" نحن في الجمعية لم نواجه أية ضغوطات من أي جهة، بالعكس وجدنا تجاوبا من المسؤولين الذين يحضرون في الورشات التدريبية او في الأيام التحسيسة التي نقوم بها " .

وقالت بأن المجتمع المدني في غار الدماء لعب دورا هاما في حملة دعم لاحد المواطنين بعد اعتقاله بسبب تدوينة . فنحن مع الحرية في ابداء الرأي اكيد دون شتم وفي اطار ما يضبطه القانون" .
اما عن أهم الوسائل التي تستعمل للتعبير عن آراء الجمعيات وتوجهاتهم بخصوص ملفات متعلقة بمشاغل الجهة تجيب رباب مرداسي :" هناك العديد من الوسائل لإيصال آراء الجمعية او الجهة مثل الصفحة الرسمية التي نبث ّ خلالها نشاطاتنا أو من خلال الحملات التوعوية والقوافل الصحية والثقافية وأيضا عن طريق الشراكات التي نقوم بها . ومؤخرا قمنا بعديد الشراكات مثلا الشراكة مع المعهد العالي للعلوم الانسانية في جندوبة والمجامع الفلاحية والنوادي وهذا يساهم في استهداف عديد الفئات مثل الفلاحات والمرأة الريفية والطلبة وغيرهن ".
وفيما يتعلق بالقوانين والتشريعات التي تدعم حرية التعبير والرأي للمواطن وللجمعيات ؟ تضيف :"نستطيع ان نتحدث عن فصول الدستور التي تدعم حرية التعبير والرأي والاعلام مثل الفصل 38 و37 من الدستور الذي ينصّ على أهمية ضمان حرية الرأي والفكر والتعبير والاعلام والنشر والنفاذ الى المعلومة . فكل عضو وناشط في الجمعية عندما يتوجه لأية سلطة محلية أو إدارة يتم امداده بالمعلومات اللازمة التي تساعده في إقامة النشاط او المشروع الذي يريده."
التحسيس بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية وغيرها
وعما اذا كانت الجمعية تواجه أية ضغوطات او مشاكل في الممارسات اليومية في الحق في التعبير والاعلام عن مشاغل الجهة ، تجيب محدثتنا :" في الحقيقة لم نتعرض لصعوبات ، فمثلا فيما يتعلق بالمشروع الذي نقوم به كان هناك تفاعل ومساندة من المندوبية الجهوية للفلاحة والتي مدتنا بإحصائيات تخصّ منطقة الشمال الغربي وما تتعرض له من تهميش . وكذلك وجدنا تعاونا من خلال عديد الخبراء الذين تحولوا معنا على أرض الواقع ورصدنا مشاكل الفلاحين وساهموا معنا في إيجاد الحلول الكفيلة لتفادي الصعوبات" .
وتساهم حرية التعبير والاعلام بلعب دور كبيرا في التنمية بالجهة وتحسين المستوى المعيشي للأفراد . وتقول شيراز قاسمي في هذا السياق ، ان حرية الرأي والتعبير والاعلام تساهم في تحقيق الأهداف التنموية من خلال الوصول للمعلومة . وهذا كله يهدف – بحسب محدثتنا -الى تمكين وتحسين جودة الحياة في الجهة وحل المشاكل وتضيف بالقول :" منذ تأسيس الجمعية ساهمت في خلق موارد رزق لعديد العائلات مثل "مشروع النحل" الذي قامت به الجمعية في عام 2017 وتمّ من خلاله مد 10 عائلات بعدة بيوت نحل، الأمر الذي خلق موارد رزق . إضافة الى مشروع تقطير الزيوت وتشييح النباتات العطرية والطبية والذي خلق فرص عمل لعديد النساء العاطلات عن العمل . وهذا هو الدور الأساسي للجمعية ودور حرية التعبير من خلال الجمعية في تحقيق الجانب التنموي لعديد المناطق في الجهة التي تعتبر مهمشة" .
من جهتها تؤكد شيراز قاسمي ان المواطن التونسي يلجأ دائما لحرية التعبير في اطار احترام القانون . وكذلك حرية التعبير تساهم وتدعم مقومات الحكم الرشيد من خلال تمكين المواطنين من طرح مشاكلهم بكل حرية قصد إيصال أصواتهم للسلطات المحلية . فمثلا تواجه غار الدماء صعوبات في عدة ميادين في الصحة والبنية التحتية وعدم وجود نقاط مياه في بعض المناطق الى حد هذا اليوم ، وانقطاع الكهرباء في أقصى جهات غار الدماء في الشمال الغربي ، فضلا عن وضعية التعليم والمنشآت التعليمية التي جلها غير مرمم بكل ما يحمله من مخاطر على حياة التلاميذ والطلاب اليوم" . وقالت ان دور الجمعيات في المناطق الداخلية يتركز بالأساس على تسليط الضوء على كل هذه المشاكل والصعوبات من أجل التغيير نحو الأفضل وتحقيق حقوق الانسان الاقتصادية والاجتماعية والتنموية وغيرها .
وتلعب منظمات المجتمع المدني دورا كبيرا من أجل التوعية بأهمية حرية الرأي والتعبير لإيصال صوت المواطن من خلال العمل الجمعياتي ، على غرار منظمة "صحفيون من أجل حقوق الانسان" التي أطلقت مؤخرا مشروع "الاعلام والمجتمع المدني من أجل الديمقراطية في تونس "ويندرج في إطار مشروع الحقوق الاجتماعية والسياسية وعلاقة التشبيك بين مكونات المجتمع المدني والاعلام بهدف تحقيق الأهداف التنموية في المناطق المهمشّة وغيرها .

 

 

 

المشاركة في هذا المقال

Leave a comment

Make sure you enter the (*) required information where indicated. HTML code is not allowed.

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115