التبادل التجاري بين تونس ومجموعة دول المغرب العربي : حصة لا تتجاوز 8 % من إجمالي المبادلات مع عجز في الميزان التجاري في 2023...

لم تشهد أرقام المبادلات التجارية بين تونس ومجموعة دول الاتحاد المغاربي

تطورا مهما على مدار السنوات وذلك على الرغم من تواتر الحديث عن تعزيز المبادلات التجارية بين دول الجوار وإستثمار الفرص المتاحة الممكنة بما من شأنه أن يقلص من الاعتماد على الدول الأوروبية.
ترتكز المبادلات التجارية لتونس مع دول الاتحاد المغاربي أساسا على دولتين من إجمالي 4 دول ،حيث تستقبل الجارة ليبيا لوحدها أكثر من 55% من إجمالي الصادرات التونسية تجاه المجموعة و في المقابل تحتكر الجزائر حوالي 90% من واردات تونس من دول المنطقة ،حيث تمسك كل من الجارة ليبيا والجزائر بميزان التجاري لتونس مع مجموعة دول الاتحاد المغاربي والتي تعتبر بدورها ذات حضور هامشي مقارنة بمجموعة الاتحاد الأوربي أومجموعة آسيا .
لازال عامل القرب الجغرافي لتونس مع دول الاتحاد المغاربي هامشيا ،إذ تتواصل الهيمنة الأوروبية على المبادلات التجارية لتونس بأكثر من 70% ،حيث تظهر معطيات المعهد الوطني للإحصاء ضعفا في قيمة المبادلات التجارية لتونس مع دول الاتحاد المغرب العربي ، حيث لم تتعدى قيمة صادرات البلاد لسوق المغرب 7.5 في المائة من إجمالي الصادرات في 2023 وهي النسبة ذاتها بالنسبة للواردات والتي تقدر ب8 في المائة من إجمالي الواردات.كما أن نتائج المبادلات بين تونس و دول الاتحاد المغاربي تعرف عجزا مستمرا خلال السنوات الأخيرة ،حيث صعد مستوى العجز من 1.5 مليار دينار لكامل 2022 إلى 1.7 مليار دينار خلال 2023.
ويأتي مستوى العجز بسبب ارتفاع الواردات من الجزائر،حيث تسجل تونس عجزا مع الجزائر فقط مقابل فائض مع كل من ليبيا والمغرب وموريتانيا ويقدر مستوى العجز مع الجزائر 4.4 مليار دينار فيما يقدر الفائض لتونس مع ليبيا ب2.3 مليار دينار.
وسياق متصل ،احتضنت تونس أول أمس اجتماعا تشاوريا جمع قادة تونس والجزائر وليبيا.وحضر القمة الرئيسين التونسي قيس سعيد والجزائري عبد المجيد تبون ورئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد يونس المنفي.وقد إنتهى الاجتماع إلى الأهمية البالغة لتنظيم هذا اللقاء والحفاظ على دورية انعقاده بالتناوب بين الدول الثلاث للإرتقاء بالعلاقات الثنائية المتميزة التي تربط كل بلد بالآخر إلى مرحلة نوعية جديدة تتعدى الإطار الثنائي إلى التفكير والعمل الجماعي ،كما تم التأكيد على ضرورة ألا يقتصر هذا التشاور على الملفات السياسية فحسب بل يشمل كل مجالات التنمية الاقتصادية والاجتماعية لتحقيق تطلعاتها في الاستقرار والتكامل.
وكان صندوق النقد الدولي قد أصدر تقريرا تحت عنوان الاندماج الاقتصادي في المغرب العربي مصدر للنمو لم يستغل بعد، مبينا أن بلـدان المنطقـة حققت فرادى تقدمـا كبيـرا في التجـارة، لكنهـا لا تزال الأقل اندماجـا علـى مسـتوى العالم ، حيـث تبلـغ تجارتها البينية أقـل مـن 5 %مـن التجـارة الكليـة في بلدان المغرب العربي ، وهـو أقـل بكثيـر مـن المستوى المسجل في كل الكتل التجارية الأخرى حول العالم .
وقد سلط التقرير الكثير من الضوء على التجارة البينية بين بلدان المغرب العربي الذي تمثل تونس جزء منه وهو ما يحيلنا إلى الحديث عن العديد من النقائص التي تمثل حاجزا كبيرا أمام تطورها وتحقيقها لنسب نمو واندماج مرتفع لعل أهمها كما أشار التقرير غياب بنية تحتية إقليمية كبيرة تسهل مرور السلع وتنقل رؤوس الأموال فيما بين هذه الدول المتقاربة جغرافيا وبعيدة اقتصاديا وهو ما يستدعي العمل على تحيين وتطوير آليات الاتفاق الذي تم بناء على مزاياه تأسيس اتحاد المغرب العربي لتشجيع التعاون والاندماج بين شمال أفريقيا سنة 1989، وتحديدا بين كل من الجزائر وليبيا وموريتانيا والمغرب وتونس، هذه الدول التي يميزها عنصر الاشتراك في اللغة والدين والتاريخ .
وقد أدى غياب الاندماج الاقتصادي بين دول منطقة المغرب العربي إلى ضعف مكونات التجارة البينية فيما بينها ما عدا المواد الأولية وغياب أيضا الشريك الرئيسي أو الاستراتيجي لكل بلد من نظرائه وجيرانه وهو ما أكدته اغلب التقارير الموجهة للمنطقة رغم التوافقات الكبيرة في العلاقات السياسية والاقتصادية بين اغلب دول المنطقة ورغم أن جميع التقارير والتوصيات التي تنتج عن اللقاءات الكبرى التي يعقدها رجال المال والأعمال، تبدو مشجعة ويتحمس لها الجميع إلا أن تنفيذها يتعثر لارتطامه بحواجز متعددة .
وقد أشار التقرير إلى العديد من الأسباب التي ساهمت في ضعف الاندماج الاقتصادي لعل أهمها السياسات التجارية والاستثمارية التقليدية والحواجز التجارية والجمركية وعدم كفاية البنية التحتية وتركيز الاهتمام نحو أوروبا والتوجه الجديد إلى التنويع التجاري نحو دول إفريقيا جنوب الصحراء وصعود الصين كسوق لصادرات المغرب العربي، وضعـف شـبكة النقـل البـري والجـوي الإقليمية دون اعتبار تعدد نقاط التفتيش على الطريق والتأخر عند المعابر الحدودية وتعطل اجراءات التخليص .

 

 

المشاركة في هذا المقال

Leave a comment

Make sure you enter the (*) required information where indicated. HTML code is not allowed.

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115