ورئاسية منتصف هذا العام" ، وذلك في مبادرة حديثة لاقت مواقف متباينة بين الترحيب والتشكيك محليا ودوليا خصوصا بعد فشل سابق في الإلتزام بإجراء الإستحقاق الإنتخابي منذ سنوات نتيجة خلافات عميقة بين الفرقاء الليبيين.
المبادرة الأممية الجديدة خلفت مجددا انقساما واضحا لدى مكونات المشهد السياسي الليبي ، وهو انقسام كرسه صراع سياسي حاد تمر به ليبيا منذ العام 2011 ،مما خلق أزمة خانقة سياسية وأمنية فشلت كل مبادرات الحل الداخلية والإقليمية والدولية في تجاوزها . وفي تصريحه الأخير حمل المبعوث الأممي
ما الأطراف الفاعلة المسؤولية عن حالة الانسداد السياسي الذي تعاني منه ليبيا.
تشرذم سياسي
وقد دعا مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى ليبيا عبد الله باثيلي الأطراف المتنافسة في ليبيا إلى الاتفاق على تنظيم انتخابات رئاسية وتشريعية "بحلول منتصف جوان"، وهو رهان يراه مراقبون شبه مستحيل لما تواجهه البلاد من تشرذم سياسي وفوضى أمنية .
وأعلن المبعوث باثيلي الذي تولى رئاسة بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا أكتوبر، عن خطة جديدة نهاية الشهر الماضي للسماح بإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية في عام 2023.
وأعلن عبد الله باثيلي خلال مؤتمر صحافي في العاصمة طرابلس من مقر البعثة الأممية أنه "إذا وُضعت خريطة طريق وقوانين انتخابية واضحة بحلول جوان المقبل، سيكون من الممكن بالنسبة لهم - الأطراف الليبية - بعد مناقشة لبضعة أسابيع، التوصل إلى اتفاق حول هذه القوانين الانتخابية".
وأثار المبعوث الدولي حفيظة الفاعلين السياسيين الليبيين عندما تحدث عن عجزهم عن التوصل لاتفاق في حين تعذر إجراء الانتخابات كما كان مقررًا في ديسمبر 2021 بسبب خلافات سياسية وتهديدات أمنية إضافة إلى عقبات قانونية.
وقال باثيلي إن "الترتيبات المؤقتة المتعاقبة، والحكومات الانتقالية التي لا نهاية لها، والهيئات التشريعية التي انتهت ولايتها هي مصدر لعدم استقرار".
مبادرة باثيلي التي تحظى بدعم غربي خاصة من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، لم تجد إجماعا في ليبيا، ورفضتها موسكو عبر مندوبها في مجلس الأمن صراحة، حين أكد أن "لا حاجة للتسرع في إجراء الانتخابات الليبية" في ظل الأوضاع الراهنة.
وفي أول تعليق من الأطراف السياسية الفاعلة في ليبيا، أعلن عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة الوحدة الوطنية ومقرها طرابلس، دعمه لجهود المبعوث الدولي في تنظيم الانتخابات من خلال تغريدة على حسابه بموقع تويتر. وناشد الدبيبة "الليبيين بالتحلي بالإرادة القوية لإنهاء المراحل الانتقالية عبر انتخابات عادلة ونزيهة
في المقابل لم يصدر موقف من مبادرة باثيلي من رئيس الحكومة الليبية المنافسة لحكومة الدبيبة والمدعومة من مجلس النواب بشرق ليبيا ويرأسها وزير الداخلية الأسبق فتحي باشاغا.
كما شدد المبعوث الأممي إلى ليبيا مجددا عبد الله باتيلي، الأحد، على ضرورة "الإنصات للجميع" من أحزاب سياسية ومجتمع مدني، للاتفاق على خارطة طريق للانتخابات تكون قابلة للتنفيذ.
جاء ذلك خلال لقائه بمدينة بنغازي شرقي ليبيا، بممثلي الأحزاب السياسية والمجتمع المدني، وفق سلسلة تغريدات للمبعوث الأممي عبر "تويتر".
وأفاد باتيلي: "في سياق مشاوراتي في أنحاء ليبيا، التقيت اليوم في بنغازي بممثلي الأحزاب السياسية والمجتمع المدني".
وأضاف: "استمعت إلى مخاوفهم بشأن الانسداد السياسي وتقييمهم للتحديات التي تواجه بلدهم، ومقترحاتهم بشأن كيفية التصدي لها للوصول إلى ليبيا مستقرة تنعم بالرخاء، وذلك من خلال إجراء انتخابات شاملة".
وأردف: "شددت على ضرورة الإنصات للأحزاب السياسية والمجتمع المدني، والنساء، والشباب، للاتفاق على خارطة طريق للانتخابات تكون قابلة للتنفيذ".
وتابع: "أكدت أن مبادرتي، القاضية بإنشاء فريق رفيع المستوى، تهدف إلى توسيع إطار المشاورات وإشراك هؤلاء الفاعلين في رسم مسار يفضي إلى الانتخابات هذا العام".
تجارب فاشلة
وسبق أن فشلت ليبيا في الإلتزام بمواعيد سابقة لإجراء الإنتخابات ، في 2021 و2022 نتيجة عدّة عوامل مُعرقلة منها العوامل الداخلية ومنها الخارجية. فرغم الجهود المبذولة لإنجاح إجراء الإستحقاق الإنتخابي في موعده الجديد يبدو أنّ التعقيدات والخلافات لازالت سيدة الموقف في الأزمة الليبيّة .
هذا الخلاف القائم حول مدى شرعية الحكومة الراهنة والتنازع بين حكومة الدبيبة وباشاغا من شأنه وفق مراقبين مزيد تأجيل الإنتخابات إلى موعد غير محدد لاحقا وسط تعالي الأصوات المنادية بضرورة إنقاذ البلاد.. لكن الخلاف ليس داخليا فحسب بل يمتد إلى الأطراف الفاعلة خارجيا والمؤثّرة في مسار الأزمة الليبية، إذ يرى متابعون أن الإنتخابات في الوقت الراهن خطوة يصعب تحقيقها وسط شكوك وانتقادات وقلقا دولي من الصراع المستمر في ليبيا منذ عقود .
وتبرز للواجهة مخاوف محليّة وأخرى إقليمية ودولية من تداعيات التأجيل مرة ثانية وفي هذه المرة إلى موعد غير محدد وما يمكن أن يحمله ذلك من تأثير على الواقع الأمني المتدهور بطبعه في ليبيا، وسط أنباء عن إمكانية حدوث تصعيد عسكري قد يعيد البلاد إلى المربع الصفر.
ورغم التأكيدات المتواصلة على التزام الفرقاء التام بإجراء الانتخابات في موعدها، يرى مراقبون أنّ الواقع الميداني والسياسي والقانوني في ليبيا -رغم الجهود الكثيفة المبذولة- كانت له الكلمة الأخيرة مرارا وتكرارا في تأجيل الإنتخابات نتيجة عراقيل وصعوبات عدة فرضت التأجيل رغم الآمال الكبيرة التي علقها الليبيون على هذا الإستحقاق الإنتخابي . ويشكك البعض في الأوضاع السياسية والأمنية في البلاد في ظل الخلافات التي اتسمت بها الأعمال والإستعدادات الميدانية واللوجستية. ورغم أنّ الجهود المبذولة كانت حثيثة على الصعيدين الداخلي والخارجي، إلاّ أنّ الداخل الليبي لا زال يشهد خلافات حادة وانقسامات وتشرذما كانت أحد أهم أسباب هذا التأجيل.