Print this page

دفاعا عن الحق في التفاوض والحق النقابي وفتح باب الحوار وتنفيذ الاتفاقيات: نقابات التربية تحتج أمام الوزارة وتهدد بالتصعيد ومواصلة النضال

نفّذت كافة أسلاك التربية يوم أمس وقفة احتجاجية

أمام مقر وزارة التربية للدفاع عن حق التفاوض والحق النقابي عن المدرسة العمومية وجودة التعليم وكرامة المربي وللمطالبة بتفعيل الاتفاقيات وفتح باب الحوار لذي تواصل وزارة التربية غلقه منذ حوالي السنة، وقفة رفع خلالها المحتجون العديد من الشعارات على غرار "مدرسة شعبية، تعليم ديمقراطي، نقابة وطنية" و"وحدة وحدة نقابية ضدّ الهجمة الشعبوية" و"عاش عاش الاتحاد على دربك يا حشاد" و"شادين شادين في حقوق المربين" و"إصلاح المنظومة التربوية استحقاق وطني" و"حق التفاوض واجب" و"الحق النقابي واجب" و غيرها من الشعارات المنددة بغلق باب التفاوض والمدافعة عن حقوق المربين.
شارك في الوقفة الاحتجاجية كل من الجامعة العامة للتعليم الأساسي والجامعة العامة للتعليم الثانوي والجامعة العامة للقيمين والقيمين العامين والجامعة العامة لعملة التربية والجامعة العامة لموظفي التربية، إلى جانب النقابة الخصوصية لمتفقدي المدارس الابتدائية ونقابة متفقدي التعليم الثانوي والنقابة الخصوصية للمرشدين التطبيقيين للتربية، نقابات اعتبرت أن ما يتعرض له المربون من مختلف الأسلاك، لم يعد مجرد تجاوزات متفرقة، بل "خيار سياسي ممنهج يستهدف المهنة وكرامة المربي، من أبرز مظاهره المساس الصارخ بالحق النقابي والتضييق على الهياكل المنتخبة"، مشيرة في هذا السياق إلى ما اعتبرته "تعطيل الوزارة، مبدأ المفاوضة الجماعية والتنصل من الاتفاقيات المبرمة وعدم تنفيذها وإثقال كاهل الإطار التربوي بسبب غياب الانتدابات وتحملهم مهاما تفوق طاقتهم بالإضافة إلى عشوائية التعيينات والإعفاءات وانفراد الإدارة بالقرارات المصيرية".
خطوات تصعيدية أخرى
في كلمة له خلال الوقفة الاحتجاجية يوم أمس أمام وزارة التربية، أكد الكاتب العام للجامعة العامة للقيمين والقيمين العامين، بولبابة السالمي، أن هذه الوقفة الاحتجاجية تندرج في إطار الدفاع عن المدرسة العمومية، وعن الحق في التفاوض والحق النقابي، مشددا على أن حق التفاوض ليس منّة من أي طرف، ومؤكدا أن الجامعة شريك اجتماعي فعلي. وأوضح أن وزارة التربية أغلقت باب الحوار منذ قرابة سنة، معتبرا أن ما تشهده العلاقة مع الهياكل النقابية اليوم غير مسبوق، في ظل تفرد الوزارة بالقرار وانتهاجها سياسة الهروب إلى الأمام. ودعا سلطة الإشراف إلى فتح حوار جدي ومسؤول حول واقع المنظومة التربوية والمؤسسة التعليمية، محذرا من أن استمرار هذه السياسة عمّق الأزمة، خاصة مع تدهور البنية التحتية ووجود أقسام مهددة بالسقوط. كما عبّر عن الاحتجاج على محاضر الاتفاقات الممضاة بين الجامعات ووزارة التربية ورئاسة الحكومة ووزارة المالية على غرار اتفاق 6 فيفري ومحضر جلسة 12 فيفري 2024 ومحضر جلسة أوت 2024، والتي بقيت مجمّدة دون تفعيل، رغم التفاوض والتوقيع عليها. وأكد أن سياسة التسويف التي تعتمدها الوزارة ستُواجَه بالنضال، مبرزا أن هذه الخطوة الاحتجاجية الأولى التي جمعت مختلف قطاعات التربية ستتبعها خطوات تصعيدية أخرى خلال السنة الدراسية، مشددا على أن الاتفاقات الممضاة خط أحمر، وأن المدرسة العمومية الشعبية ستظل خطا أحمر وسيتم الدفاع عنها بكل الوسائل المشروعة.
"الاتفاقيات تُنفّذ ولا يعاد التفاوض بشأنها"
من جهته، أفاد الكاتب العام للجامعة العامة للتعليم الثانوي، محمد الصافي، أن ما يُرتكب في حق المدرسة العمومية يُعدّ جريمة بكل المقاييس، ومخالفًا للقوانين ولما نصّت عليه التشريعات والدستور. وقال إن جميع أسلاك التربية تجمّعت اليوم في وقفة احتجاجية نوعية، ولن تكون الأخيرة، مؤكدا أن الشارع هو الفضاء الذي تصنع فيه الأصوات الحرة وتُدافع فيه الحريات الفردية والعامة والحق النقابي، الذي تسعى الوزارة ومن ورائها السلطة إلى ضربه. وأضاف: "نجتمع اليوم دفاعا عن حقنا النقابي، ولن نسمح بالمساس به مهما كان الثمن، فأسلاك التربية أسرة واحدة ومربٍ واحد". وأشار إلى أن باب التفاوض والحوار قد أُغلق، رغم وجود مكتسبات واتفاقيات التفتت عليها الوزارة، معتبرا ذلك جرما آخر في حق القطاع. وذكّر بأن قطاع التعليم الثانوي أبرم يوم 23 ماي 2023 اتفاقية تنص على تمكين المدرسين من زيادة تُقدّر بـ100 دينار على امتداد ثلاث سنوات بداية من سنة 2026، مع إقرار المفعول الرجعي للترقيات ابتداء من 1 جويلية، غير أن الوزارة، حسب قوله، التفّت على هذا الاتفاق، والوزير أمام مجلس نواب الشعب يصرح أن الاتفاق على طاولة الدرس، مشددا على أن الاتفاقيات تُنفّذ ولا يعاد التفاوض بشأنها.
رفض سياسة الوزارة والقرارات "الارتجالية"
وشدد الصافي على رفضهم للسياسات التي تنتهجها وزارة التربية، وللقرارات الارتجالية التي تستهدف العمل النقابي وتلتف على الاتفاقيات وترفض التفاوض بمختلف أشكاله، إضافة إلى رفض دعوة الوزارة إلى تنظيم حصص تدارك خلال عطلة الشتاء. وأوضح أن عدد ساعات التدريس لبعض الأساتذة بلغ 26 ساعة، في خرق واضح للاتفاقيات المتعلقة بسقف الساعات حسب عدد السنوات التي يدرسها. وأكد أن المدرسة العمومية تعاني اليوم تدهورا حادا، إن لم تكن تحتضر، في ظل بنية تحتية مهترئة، واكتظاظ الأقسام، وساعات عمل مرهقة، وبرامج لم تعد قادرة على مواكبة متطلبات المرحلة، إضافة إلى عزوف التلاميذ عن الدراسة في المؤسسات العمومية. وختم بالتأكيد على أن القطاع مقبل على محطات نضالية جديدة، بعد أن حسم قطاع التعليم الثانوي قراره خلال الهيئة الإدارية القطاعية عبر مقاطعة التقييمات الجزائية خلال الثلاثي الثاني، مشددا على مواصلة النضال دفاعا عن المكتسبات والمطالبة بتحسين الوضع المادي، معتبرا أن المطالبة بالزيادة حق مشروع في ظل تآكل المقدرة الشرائية، ومؤكدا أن إغلاق باب التفاوض يعدّ وصمة عار، لأن المربي يظل عماد هذا الوطن، على حد تعبيره.
المطالبة بتحسين الوضع المادي للمربين
وتتركّز مطالب قطاع التربية حول تحسين الوضع المادي للمربين ومراجعة منظومة الترقيات والمنح وتفعيل الاتفاقيات السابقة وإحداث منحة الجهد البيداغوجي، إلى جانب التعجيل بصرف المستحقات المالية لخريجي علوم التربية والنواب، وتمكينهم من الترقيات المستوجبة. كما تشدد النقابات على ضرورة تعزيز الموارد البشرية بالمؤسسات التربوية وإنهاء سياسة تحميل الإطار التربوي مهاما تفوق طاقته بسبب نقص الانتدابات، فضلا عن وضع حد لما وصفته بعشوائية التعيينات والإعفاءات واحترام الحق النقابي وفتح باب التفاوض الجدي والمسؤول. وكانت النقابات قد حملت وزارة التربية مسؤولية تدهور الأوضاع داخل المؤسسات التربوية، معتبرة أن رفضها الجلوس إلى طاولة الحوار يشكل "ضربا لمبدأ الشراكة الاجتماعية وانفرادا بالقرار"، إلى جانب فشلها في إدارة الشأن التربوي وإنقاذ المدرسة العمومية. كما نددت بسياسة الاقتطاع من الأجور ووصفتها بـ"العقابية"، مشيرة إلى اقتطاع يوم عمل كامل مقابل وقفات احتجاجية لم تتجاوز في بعض الحالات ربع ساعة، فضلا عن حملات التضييق والتشهير التي تستهدف النقابيين والهياكل المنتخبة، وهو ما اعتبرته تهديدا لاستقرار المرفق التربوي وجودته.

المشاركة في هذا المقال