Print this page

فيما نتنياهو يزور واشنطن لإدانة الاعترافات الأوروبية بدولة فلسطين خارطة طريق أمريكية بـ21 نقطة.. هل تنجح في إنهاء حرب غزة؟

مع تصاعد الزخم الدبلوماسي وتتالي الاعترافات الدولية بدولة فلسطين

يسعى الاحتلال الصهيوني بدعم أمريكي بلا هوادة لمواجهة هذا الاعتراف الدولي الذي يشكل – على رمزيته – ضربة للمشروع الصهيوني الذي يهدف لمحو الهوية والوجود الفلسطيني ... صحيح ان هذا الاعتراف لن تكون له تداعيات فعلية لمنع جريمة الإبادة ولمنع مخطط تهجير الفلسطينيين الا انه يمثل بداية سقوط الدعاية الصهيونية التي سيطرت على الرأي العام الغربي لعقود بشأن قيام كيان الاحتلال منذ النكبة وحتى اليوم .

في الأثناء ، نزح أكثر من 700 ألف فلسطيني من مدينة غزة نحو الجنوب منذ تكثيف هجوم الاحتلال على كبرى مدن القطاع فيما قدّرت الأمم المتحدة في نهاية اوت أن نحو مليون شخص يعيشون في مدينة غزة ومحيطها.

تكثيف الجهود الدبلوماسية
بينما تتجه أنظار العالم إلى الأمم المتحدة حيث تتكثف الجهود الدبلوماسية لوقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، يُصر رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو على تحدي الإرادة الدولية، مجددا رفضه للاعترافات الدولية بدولة فلسطين، في خطوة لا تعكس فقط عزلة سياسية متزايدة، بل أيضا تجاهلا ممنهجا لحقيقة ما يجري على الأرض من كوارث إنسانية وانتهاكات صارخة للقانون الدولي تنفذ حكومة الكيان المحتل.وفي تصريحات أطلقها قبيل مغادرته إلى نيويورك يوم أمس الخميس، قال نتنياهو إنه سيستخدم منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة لـ"فضح حقيقة جنودنا وأمتنا"، مهاجما بشكل مباشر الدول الغربية – وفي مقدمتها فرنسا وبريطانيا – التي اعترفت بدولة فلسطين، معتبرا أن ذلك "لن يُلزم إسرائيل بأي شكل".
ووصف رئيس وزراء الاحتلال اعتراف هذه الدول بأنه "استسلام مخز للإرهاب"، في لغة تعكس خشية حقيقية من تحوّل الاعتراف الدولي المتزايد بدولة فلسطين إلى أمر واقع يضيق الخناق على الاحتلال سياسيا وقانونيا.
في المقابل، فإن الخطوة التي أقدمت عليها عواصم أوروبية كبرى بالاعتراف الرسمي بدولة فلسطين، لا تأتي من فراغ، بل تعكس تغيرا جذريا في المزاج السياسي العالمي، مدفوعا ببشاعة الجرائم المرتكبة في غزة منذ اندلاع الحرب في 7 أكتوبر 2023، والتي خلفت عشرات الآلاف من الشهداء والمصابين، إضافة إلى دمار هائل وتهجير قسري طال مئات الآلاف من المدنيين.
هذه الحرب، التي وصفها حقوقيون ومراقبون بأنها حرب إبادة بكل المقاييس، ساهمت في إعادة إحياء المطالبة بالاعتراف بالحقوق الوطنية الفلسطينية، وعلى رأسها حق تقرير المصير وإقامة الدولة المستقلة على حدود 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.
ويواصل نتنياهو خطاب الإنكار السياسي، متجاهلا أن مشهد الدمار في غزة بات محفورا في ضمير العالم، وأن الرأي العام العالمي – بما في ذلك داخل الولايات المتحدة – بات أقل تقبلا للرواية الإسرائيلية الكاذبة والمزورة.
وتزامنا مع زيارة نتنياهو، أعلن المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف عن خطة سلام أمريكية جديدة من 21 نقطة، عُرضت خلال اجتماع الرئيس دونالد ترامب مع قادة عرب ومسلمين في نيويورك.
لكن التحدي الحقيقي يكمن في القدرة على إلزام ''إسرائيل'' بأي تسوية عادلة، خصوصا في ظلّ تعنّت حكومتها الحالية، ورفضها المتكرّر لأي صيغة تضمن للفلسطينيين حقوقهم المشروعة، وفي مقدمتها إقامة دولتهم. ومع استمرار المجازر الإسرائيلية وتوسيع الهجوم البري على مدينة غزة، فإن الأصوات المطالبة بمحاسبة الاحتلال تتعالى، لا فقط من العواصم العربية والإسلامية، بل من قلب العواصم الغربية نفسها، حيث بدأت حملات مقاطعة شعبية، وحركات طلابية ونقابية، ترفع لواء العدالة وتطالب بوقف جرائم الحرب.
ووفق متابعين فإن زيارة نتنياهو إلى نيويورك محاولة متأخرة لوقف الانهيار المعنوي والسياسي لصورة ''إسرائيل'' على المسرح الدولي. لكن الحقيقة التي يتجاهلها رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي أن قطار الاعتراف بفلسطين قد انطلق، وأن العالم بات أكثر وعيا بحقيقة ما يجري، وأكثر جرأة في تسمية الأمور بمسمياتها.

مباحثات مصرية أمريكية
وفي ظلّ استمرار حرب مدمّرة تشارف على دخول عامها الثالث، شهدت نيويورك يوم أمس الخميس جولة جديدة من المباحثات بين مسؤولين مصريين وأمريكيين، تتصدرها الحرب المستعرة في قطاع غزة، وسط مساع دولية وعربية حثيثة لوقف نزيف الدم وإنهاء واحدة من أكثر الحروب دموية وتعقيدا في التاريخ الحديث.
وبحسب بيان صادر عن وزارة الخارجية المصرية، التقى وزير الخارجية بدر عبد العاطي نظيره الأمريكي مارك روبيو، إضافة إلى المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف. اللقاء، الذي وصفته القاهرة بأنه جرى في "أجواء إيجابية"، حمل رسائل سياسية واضحة.
ورغم الجدل السياسي الكبير الذي يرافق سياسات ترامب داخليا وخارجيا، يبدو أن القاهرة تراهن على أن قدرته على التأثير على ''إسرائيل'' سواء عبر القنوات الدبلوماسية أو أدوات الضغط التقليدية ، قد تكون ورقة مهمة يمكن توظيفها لإنهاء الحرب، أو على الأقل كبح جماحها.
وشدد عبد العاطي في تصريحاته على ضرورة تكثيف التعاون بين واشنطن والقاهرة لمنع محاولات تهجير الفلسطينيين، وهي إشارة واضحة إلى مخاوف عربية متزايدة من أن يكون أحد أهداف الحرب هو التغيير الديمغرافي القسري في غزة، عبر خلق وقائع جديدة على الأرض.
وجاءت المباحثات الثنائية على خلفية قمة موسعة جمعت الولايات المتحدة بعدد من قادة الدول العربية والإسلامية في نيويورك يوم 23 سبتمبر ، بمشاركة لافتة من قادة مؤثرين إقليميا، مثل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وأمير قطر، والعاهل الأردني، ورئيس وزراء باكستان، فضلا عن وزيري خارجية السعودية والإمارات.

وأسفرت القمة عن توافق مبدئي على خطة أمريكية تتضمن وقف الحرب، إدخال مساعدات إنسانية عاجلة، إطلاق سراح الرهائن، تمهيدا لما وصفه البيان المشترك بـ"سلام عادل ودائم".
ورغم أنّ تفاصيل الخطة لم تُكشف بالكامل، إلا أنّ حضور هذا العدد من الرؤساء العرب، وقبولهم مبدئيا بخارطة الطريق الأمريكية، يعكس تحوّلا محتملا في مسار الجهود السياسية، وربما بداية تشكيل تكتل دولي–إقليمي ضاغط لفرض تهدئة، بعيدا عن مجلس الأمن العاجز بفعل الفيتو الأمريكي المتكرر.
وبينما تركز حكومة الاحتلال في خطابها الدولي على مسألة استعادة الرهائن، يبدو أن مصر – ومعها عدد من الدول الإسلامية – تريد قلب المعادلة، عبر ربط أي تقدم في هذا الملف بوقف الحرب، والسماح بدخول المساعدات، والبدء بعملية إعادة الإعمار، بما يضمن بقاء الفلسطينيين في أرضهم.
ووفق مراقبين رغم أهمية الاجتماع المصري-الأمريكي في نيويورك، فإنه لا يحمل في طياته ضمانات حقيقية لتوقف الحرب. فحكومة الاحتلال الإسرائيلي لم تُصدر حتى الآن موقفا رسميا تجاه الخطة الأمريكية، كما أن واشنطن نفسها ـ ورغم لهجة ترامب التصالحية ـ لا تزال تمارس ازدواجية في تعاملها مع الحرب.
لكن ما يمكن تأكيده هو أن زخم التحركات الدبلوماسية يتزايد، والوقت يضغط على الجميع فعلى المستوى الإنساني، يعيش أكثر من مليوني فلسطيني في غزة أوضاعا كارثية وعلى المستوى السياسي، فإن الإصرار الإسرائيلي على الحسم العسكري بات يواجه جدارا من الرفض الدولي – حتى من داخل حلفاء تل أبيب أنفسهم.إن ما يجري في نيويورك ليس فقط محاولة لإنهاء حرب، بل بداية لمعركة دبلوماسية أوسع تعيد رسم طبيعة التحالفات، وتكشف عن تغيّرات في موازين القوى داخل النظام الإقليمي والدولي.
170 غارة جوية في 24 ساعة

ميدانيا شن جيش الاحتلال 170 غارة جوية على قطاع غزة خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية، ضمن الإبادة الجماعية التي يرتكبها بحق الفلسطينيين منذ عامين. وفي 21 سبتمبر الجاري أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي تعميق عملياته البرية بمدينة غزة، ضمن خطة أقرتها حكومته لاحتلال القطاع تدريجيا، والتي بدأ تنفيذها في 11 أوت الماضي بهجوم واسع على المدينة.
ومنذ فجر أمس الخميس قتل جيش الاحتلال الإسرائيلي 19 فلسطينيا وأصاب عشرات بقطاع غزة، بقصف جوي ومدفعي، بينهم 11 فلسطينيا قتلوا بغارة جوية على منزل مأهول في بلدة الزوايدة بدير البلح وسط القطاع، وفق شهود عيان ومصادر طبية.
من جهتها حذرت وزارة الاقتصاد الوطني الفلسطينية، الخميس، من أن قرار "إسرائيل" لإغلاق "معبر الكرامة" بين الضفة الغربية المحتلة والأردن، سيكون له تداعيات جسيمة على الواقع الاقتصادي والاجتماعي والإنساني في فلسطين.
وأشارت إلى أن هذا المعبر هو "المنفذ الرئيسي والوحيد لفلسطين، الذي يتم عبره تصدير المنتجات الفلسطينية لدول العالم، وكذلك يتم من خلاله استيراد المواد الخام والسلع لدولة فلسطين".وأضافت: "استمرار إغلاق هذا المعبر سيكون له تداعيات خطيرة على الصناعات الفلسطينية، والمنتجات الزراعية، والأمن الغذائي، وحركة التصدير والاستيراد، إضافة للآثار الكبيرة على الصعيد الإنساني وتنقل الأفراد باعتباره المنفذ الوحيد مع العالم الخارجي، بالإضافة لتوقف جزء كبير من المساعدات الإنسانية التي يتم إدخالها لقطاع غزة".
وقالت الوزارة إن الحكومة الفلسطينية ووزارة الاقتصاد الوطني، في حالة اتصال دائم مع المجتمع الدولي والدول الشقيقة والصديقة ذات العلاقة، من أجل العمل على فتح المعبر بأسرع وقت ممكن والضغط على الجانب الإسرائيلي لفتحه وعودة حركة المسافرين والحركة التجارية إلى الوضع الطبيعي.والخميس الماضي، تم إغلاق المعبر إثر مقتل جنديين ''إسرائيليين'' بعملية إطلاق نار فيه.
من جهتها أكدت وزارة الاقتصاد الوطني الفلسطيني ، امس الخميس ، أن قرار حكومة "الاحتلال" الإسرائيلي إغلاق معبر جسر الملك حسين (معبر الكرامة)، يوم أمس الأربعاء حتى إشعار آخر، "تعسفي وستكون له تداعيات جسيمة على الواقع الاقتصادي والاجتماعي والإنساني في فلسطين".

وأشارت إلى أن "هذا الإغلاق يتسبب في توقف جزء كبير من المساعدات الإنسانية التي يتم إدخالها إلى أهلنا في قطاع غزة".
وأضافت أن "هذا الإجراء التعسفي يأتي ضمن سياسات دولة الاحتلال في التضييق على الشعب الفلسطيني، وخلق بيئة طاردة لشعبنا، وفي إطار الابتزاز السياسي، والسياسات العقابية التي تنتهجها، من احتجاز لأموال المقاصة الفلسطينية، إضافة إلى أزمة تكدس الشيقل الإسرائيلي، ورفض الجانب الإسرائيلي استقبال عملته التي تضخ في السوق الفلسطيني، والتي أثرت بشكل مباشر في حركة التجارة الدولية".
وتابعت :"يحكم جيش الاحتلال الإسرائيلي وقطعان المستوطنين الخناق على الضفة الغربية، من خلال 1200 حاجز وبوابة حديدية، عملت على تقييد حرية الحركة بين المحافظات الفلسطينية، وألحقت الأضرار بمختلف القطاعات الاقتصادية".

المشاركة في هذا المقال