Print this page

مع الرسوم الجمركية والاعتماد أكثر على الصناعات المحلية القومية الاقتصادية ومأزق البلدان ذات التبعية المفرطة

تنتهج دول العالم اليوم ما اصطلح على تسميته

"القومية الاقتصادية" لحماية اقتصادياتها من خلال عديد الإجراءات الجمركية أساسا وتتصدر الدول الكبرى قائمة الدول المتبنية لهذه السياسة إلا أن الدول النامية والمتوسطة النمو تظل في وجه العاصفة نظرا لعدم القدرة على خلق نسيج اقتصادي متكامل يغنيها عن الخارج .

يقول صندوق النقد الدولي انه اليوم، تسترجع القومية الاقتصادية الصاعدة أصداء مقلقة من عصر العولمة الأول – وتشكل حزمة أكبر من التناقضات. فمن رحم الركود الكبير في الفترة 2008-2009 برزت القوى القومية من جديد في صورة تيار سياسي واقتصادي قوي اجتاح العالم.

تتصدر الولايات المتحدة الأمريكية الدول المتبنية للحمائية فمع تولي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب السلطة مطلع 2025 رفع شعار "أمريكا أولا" ليفرض رسوما جمركية أثارت جدلا وخوفا من اندلاع حرب تجارية ومضى الرئيس الأمريكي في سياسته هذه ووقع أوامر تنفيذية فرض من خلالها رسوما جمركية على قائمة طويلة من البلدان ودعا إلى الاستثمار في أمريكا لتجنب هذه الرسوم وهو ما دفع دولا أخرى إلى الإسراع في اتخاذ إجراءات لمواجهة القيود الأمريكية على منتوجاتها لترفع الصين بالمقابل شعار "صنع في الصين 2025" اتخذت فيها الصين قرار العمل على استقلاليتها التكنولوجية من التبعية الأمريكية .
الاتحاد الأوروبي الذي كان في مرمى الرسوم الأمريكية ولئن تم التوصل الى اتفاق بين الطرفين فان الدول الاوروبية تعمل على استغلال معادنها النادرة والاستراتيجية لتقليص اعتمادها على التوريد وقبل ذلك كان الاتحاد الاوروبي قد فرض ما اسماها "ضريبة الكربون" على الواردات القادمة من دول لا تحترم المعايير الصارمة لحماية البيئة وهي تتنزل في باب النزعة الحمائية.
الدول الكبرى إذا تجد حلولا في دعم نسيجها الصناعي المحلي لتعزيز استقلاليتها والحد من تأثير الحمائية المثيرة للقلق والتي من المؤكد تأثيرها في الاقتصاد العالمي ..
أما الدول التي لها تبعة مفرطة للخارج في مختلف السلع على غرار تونس التي تعاني من عجز تجاري مزمن خاصة طاقيا وغذائيا فان الإجراءات المتاحة والتي لها تأثير على المدى القريب هي ترشيد التوريد للحد من الآثار المحتملة لارتفاع الأسعار عالميا او رفع شعار صنع في تونس والذي مازال دون المأمول فمازالت فاتورة الواردات مرتفعة ومازالت التبعية الطاقية والغذائية تضعها في مرمى ارتفاع واضطراب الأسعار عالميا.
والأمر ذاته بالنسبة للمغرب حيث اعتمدت تقريبا نفس إجراءات تونس من تشجيع صناعاتها المحلية من خلال دعم "صنع في المغرب" وتقييد توريد بعض المنتجات أما تركيا فقط فرضت سوما عالية على الواردات المنافسة للمنتجات المحلية وفي مصر تم فرض ضريبة على الهواتف لمواجهة ظاهرة تهريب الهواتف، وتوطين صناعة المحمول، وجذب الاستثمارات إلى جانب رسوم على السيارات المستوردة. وفي عديد البلدان الأخرى الشبيهة بتونس تم تقييد الواردات من الكماليات
فمنذ مطلع العام 2020 ومع انتشار جائحة كورونا بدأت عديد الدول في العمل على أمنها الغذائي والطاقي بانتهاج سياسة حمائية أمام بتقييد صادراتها أو برفع رسومها أو بالعمل على تعزيز إنتاجها الوطني بهدف المزيد من الاستقلالية لتجنب الآثار التي تحدثها الأزمات.

المشاركة في هذا المقال