وتكون السياسات النقدية للبلدان هي التي تحدد درجة التأثر وحافظ الدينار التونسي في عديد الفترات إلى الضغوطات مما ساهم في الانخفاض قيمته أمام العملات الرئيسية إلا انه ظل في اغلب الفترات مستقرا نتيجة السياسة المتبعة من طرف البنك المركزي.
لئن يعد تأثر الدينار التونسي بالتقلبات الاقتصادية داخليا وخارجيا الا انه ليس بمستوى التأثر لدى بلدان أخرى ويعود ذلك إلى سياسة البنك المركزي المتمثلة في نظام الصرف بتدخله لضخ العملة او سحبها للحيلولة دون انفلات تقهقر الدينار كما ان ضيق السوق التونسية يعد عاملا ايجابيا . وفي السنوات الخمس الأخيرة يمكن التأكيد على ان سياسة البنك المركزي كانت ناجعة خاصة في فترات حرجة على غرار أزمة كوفيد 19 حيث صمد الدينار ولم يسجل منحى هبوطي حاد بسبب تدخل البنك المركزي أما في الحرب الروسية الأوكرانية وأمام ارتفاع أسعار الغذاء والطاقة وارتفاع قيمة المشتريات بعنوان الواردات انخفضت قيمة الدينار أمام الدولار بنسبة تفوق الـ 10% الا أنها ظلت اقل من تراجع عملات أسواق أخرى مشابهة على غرار العملة المصرية الجنية.
تعرض الدينار التونسي طيلة السنوات الماضية إلى ضغوطات كبيرة فقد خلالها نسبة كبيرة من قيمته مقارنة بما قبل 2011 فقد لعبت الأحداث الداخلية دورا كبيرا في حركيته بالإضافة إلى الظرف الخارجي وان كان بدرجة اقل. كما كان لتصريحات بعض أعضاء الحكومة في بعض الفترات عاملا أساسيا في تراجع قيمة الدينار التونسي على غرار العام 2017 وتصريحات وزيرة المالية آنذاك لمياء الزريبي عن خطة لتقليص تدخل البنك المركزي بأسعار الصرف وتعويم جزئي للدينار وهي تصريحات أدت اضطراب السوق هذا بالإضافة إلى العمليات الإرهابية وتأثيرها في أنشطة داعمة للعملة على غرار السياحة التي تلقت ضربة كبيرة بعد 2011
يقول البنك المركزي في تقريره السنوي للعام 2024 انه على الرغم من الزيادة الملحوظة في النفقات بعنوان خدمة الدين الخارجي طويل الأجل شهد سعر صرف الدينار شبه استقرار مقابل العملات الرئيسية نتيجة الأداء الجيد لأهم مؤشرات الحساب الجاري ميزان المدفوعات بتعزيز مخزون الموجودات الصافية من العملة الأجنبية
انخفضت قيمة الدينار التونسي بنسبة 0.2% مقابل الأورو والدولار على التوالي في سنة 2024.
عرف سعر صرف الدينار في نهاية سنة 2024 وبالمقارنة مع قيمته المسجلة في نهاية العام السابق انخفاضا بـنسبة 3.7% تجاه الدولار الأمريكي مقابل ارتفاعه بنسبة 2.1% تجاه الأورو . ويعود ذلك أساسا إلى الأداء الجيّد للدولار على مستوى السوق الدولية، حيث ارتفع بنسبة 6%. وقد استفادت العملة الأمريكية من بطء دورة خفض نسب الفائدة من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي مقارنة بالبنك المركزي الأوروبي ومن نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية في نهاية سنة 2024 وبحساب المعدلات السنوية.
وقد أدى الحفاظ على توجه السياسة النقدية دون تغيير سنة 2024 في تخفيف ضغوط طلب التوريد على
ميزان المدفوعات وسعر صرف الدينار.
ان صمود الدينار التونسي أمام العواصف التي مرت عليه يعود أساسا الى سياسة البنك المركزي التونسي التي حالت دون تقهقر للعملة المحلية الى مستويات أكثر مما تم تسجيلها اذ لا يزال الدينار التونسي يستمد قوته من السياسة الداخلية في انتظار ان يساهم ارتفاع الإنتاج والتصدير في صموده.
وكان صندوق النقد الدولي قد دعا في اكثر من مناسبة إلى إتباع سياسة مرنة ازاء الدينار التونسي في دعوة إلى تقليص تدخل البنك المركزي لدعمه في السوق والتدرج بها الى وضعه في مستواه الحقيقي.