واشغل كل الحكومات المتعاقبة منذ 2011 إلى اليوم وكان إصلاحه وترشيده المفردات التي تكررت مع كل برنامج ومر مسار الإصلاح بعديد المحطات التي أثرت فيه أما بالتضخم او بالتقلص تحت تأثير عوامل خارجية وأخرى داخلية.
كان العام 2013 منطلق الحديث والنقاش حول إصلاح الدعم وتوجيهه الى مستحقيه من خلال اقتراح تعديلات في أسعار بعض المواد الأساسية واستمر تداول الإشكال لسنوات دون إحراز تقدم وكان البرنامج الذي قدمته الحكومة التونسية في 2022 والذي تضمن اصلاح الدعم باكثر وضوح من خلال العزم على رفع الدعم وتعويضة بتحويلات الى العائلات المستحقة ورغم استحسان صندوق النقد الدولي للبرنامج الا ان تونس عادت واستدركت خشية ان يكون الدخول في هذا الاجراء سببا في توتر اجتماعي فتوقف البرنامج منذ أكتوبر 2022 واستمرت تونس في التعامل مع الموضوع دون اجراءات بعد ان كانت قد اعتمدت في سنوات فارطة على آلية التعديل الآلي لأسعار المحروقات على سبيل المثال الا ان الخوف من التوتر الاجتماعي كان دائما دافعا للعدول على الاستمرار في المضي قدما في الاصلاح، الاصلاح الذي يعد شرط ضروري في ظل الاوضاع المالية التي تمر بها تونس منذ سنوات طويلة.
في ميزانية 2025 قدرت نفقات الدعم ب 11.6 مليار دينار أي ما يعادل 19.4%من نفقات الميزانية و 6.3% من الناتج المحلي الإجمالي ويستحوذ دعم المحروقات على الحصة الأكبر ب 61.3% يليه دعم المواد الأساسية ثم النقل. وارتفعت نفقات الدعم مقارنة بالعام 2024 ب 2.3%. وبالعودة الى العام 2013 حيث بلغت نفقات الدعم آنذاك 5514.85 تكون نسبة التطور بين 2013 و2025 بمقدار 110% . ولعبت أسعار الطاقة والمواد الغذائية دورا هاما في هذا الارتفاع.
ولهذا لم تلعب آلية التعديل الدوري لأسعار الطاقة دورا كبيرا في خفض فاتورة الدعم بل كانت الفترات التي شهدت انخفاض للنفقات في هذا الباب تعود إلى تقلص الضغط الخارجي بتسجيل الأسعار العالمية انخفاضا. وفي هذا السياق كانت فيتش رايتنغ قد قالت في تقرير لها إنها لا تتوقع إصلاح نظام الدعم لأسباب سياسية التي تعارض رفع أسعار المواد الغذائية والطاقة إلا أن انخفاض الأسعار على صعيد دولي من شانه أن يقلل من تكاليف الدعم بنسبة 1.7% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول العام 2026. معتمدة في ذلك على توقعاتها الخاصة بأسعار السلع الأساسية.
إذا ارتفاع كلف الدعم أو انخفاضها هو أمر لا يتربط بسياسات ترشيد أو تحكم من الجانب التونسي بقدر ماهو استجابة لوضع خارجي يتمثل في حركية الأسعار العالمية ففي العام 2021 كانت كلفة الدعم في حدود 6 مليار دينار إلا انه وفي العام 2022 الذي كان مسرحا للحرب الروسية الأوكرانية وما نتج عنها من اضطراب سلاسل الإمدادات ارتفعت نفقت الدعم إلى نحو 12 مليار دينار وهو ما يعكس كيفية تأثر نفقات الدعم وان الحلول الذاتية غير كافية وقاصرة لا تعالج اصل الاشكال.