تزايد مؤشرات تحوّل دولي تدريجي نحو الاعتراف بالدولة الفلسطينية، مدفوعًا بجرائم الحرب في غزة، مما يعيد إحياء حل الدولتين كإطار واقعي لإنهاء الصراع. فقد أوضح تقرير أصدره المعهد الملكي للخدمات المتحدة (RUSI) هذا الأسبوع أن إعلان فرنسا والمملكة المتحدة وكندا عزمهم الاعتراف بفلسطين كدولة أمر ذي أهمية دبلوماسية، لكنه قد لا يغير واقع الفلسطينيين في المدى القريب، خاصة مع الأزمة الإنسانية بغزة، وموقف الحكومة الإئتلافية فى تل أبيب ؛
هذا ، وقد إعتبر المجلس الأطلسي (AtlanticCouncil) فشل إسرائيل في تقديم رؤية سياسية لليوم التالي للحرب في غزة، أدى إلى تحولات دولية تسعى لتجاوز الجمود وفرض مسارات بديلة نحو حل الدولتين . كما عكس المعهد الإيطالي للدراسات السياسية الدولية (ISPI) وجهة نظر مهمة وهي أن اشتراط إصلاح السلطة الفلسطينية كمدخل للاعتراف بالدولة، رغم دعم المجتمع الدولي لها لسنوات، يكشف تناقضًا سياسيًا يُحمّل الفلسطينيين مسؤولية الاحتلال بدلًا من إنهائه أولًا.
على جانب آخر وعلى خلفية تصريح وزير الدفاع ظهر أمس بأنّ الجيش سينفذ قرارات المستوي السياسي بإصرار ومهنية ، تحدثت عدة تقارير إعلامية عن انقسام بين رئيس الحكومة ومسؤولين عسكريين في تل أبيب، وأكدت مصادر مقربة من «نتنياهو» أنه منح رئيس الأركان «إيال زامير» خيار الاستقالة إذا رفض خطة الاحتلال الكامل لقطاع غزة، بالتزامن مع إعلان الجيش الإسرائيلي إلغاء حالة الطوارئ التي بدأت منذ أكتوبر 2023، ما يسمح بتسريح آلاف الجنود النظاميين، وتشير تقديرات إلى عدم قبول جيش الاحتلال الطرح الحكومى بتوغل شامل فى القطاع، حتى لا يتم تقويض قدراته؛
هذا ، وقد تم تأجيل اجتماع الحكومة الإسرائيلية مع تصاعد التوترات بشأن خطة نتنياهو، وقام نجله باتهام رئيس الأركان بـ«التخطيط للتمرد على القيادة السياسية»، وكأن نسل الأبالسة وإئتلاف اليمين المتطرف لا يستيطيع التنفس دون بث العداء والكراهية باتجاه كل من يحيط بهم أو يتعاطي معهم .
في سياقٍ موازٍ، ركزت وسائل الإعلام في تل أبيب على إبراز تباين المواقف بين المؤسستين السياسية والعسكرية ودفع عدد من وزراء «اليمين المتطرف» بإتجاه فرض سيطرة كاملة على قطاع غزة، بينما تتحفظ المؤسسة العسكرية على هذا التوجّه بسبب الإرهاق الشديد في صفوف الجيش، ومخاوف من التورّط في حرب طويلة ومكلّفة، ويروج جيش الإحتلال لخطة بديلة تقوم على السيطرة على محاور استراتيجية، مثل: غلاف غزة ومحور "فيلادلفيا "، ونشرت يسرائيل هيوم -نقلاً عن مصادر في الجيش الإسرائيلي- أن رئيس الأركان قد يعرض على الحكومة اليوم الخميس مخاطر احتلال كامل لقطاع غزة ، وأن رئيس الأركان سيتحدث عن المدة الطويلة التي سيستغرقها احتلال الجيش للقطاع؛
هذا ، وتتضاعف الملاحقات القانونية لجنود جيش الإحتلال في الخارج، إذ تم رفع نحو 50 شكوى ضد جنود الاحتياط في الجيش الإسرائيلي بالخارج، وفتح تحقيقات فى 10 دول، وأطلق المدعي الفيدرالي في بلجيكا تحقيقًا رسميًا في اتهامات بارتكاب جنود إسرائيليين جرائم حرب، بالتوازي مع اتساع دائرة الاتهامات الموجهة لحكومة وجيش الاحتلال باستخدام التجويع كسلاح في غزة، ما يعرّضهما لمساءلات دولية محتملة .
كما وصفت الأمم المتحدة خطط إسرائيل لتوسيع عملياتها العسكرية في غزة بأنها "مقلقة للغاية"، محذّرة من عواقب كارثية تهدد حياة المدنيين والرهائن، وطالبت دول عدة، منها الصين وبريطانيا، بوقف فوري لإطلاق النار وإيصال المساعدات الإنسانية دون قيود، وأكدت بريطانيا استعدادها للمساعدة في وضع خطة تنهي النزاع وتؤسس لدولة فلسطينية مستقلة.