Print this page

اليونسكو تدق ناقوس الخطر: التعليم والثقافة والعلوم ثلاثي التنمية المهمل !

في عالم تشتدّ فيه الأزمات وتتسارع فيه التحوّلات تذكّرنا منظمة الأمم المتحدة

للتربية والعلم والثقافة"اليونسكو" بأنّ التنمية الحقيقية لا تتجسد في المصانع والطرقات والسدود، بل في العقول المستنيرة والثقافات المزدهرة والعلوم المتقدمة. لكن للأسف كشفت الأرقام الأخيرة أنّ المساعدات الدولية المخصصة للتعليم والثقافة والعلوم في تراجع. ودعت منظمة اليونسكو المانحين إلى تجديد التزامهم إزاء هذه القطاعات الرئيسية من أجل تحقيق التنمية.

رحبّت منظمة "اليونسكو" بالبيان المشترك للمؤتمر الدولي لتمويل التنمية الذي عُقد، مؤخرا، في إشبيلية. ذلك أنّ هذا البيان أقر بأهمية تمويل التعليم والاعتراف بالثقافة كمحرّك للتنمية وتعزيز التعاون العلمي في مواجهة التحديات العالمية.

الثقافة: رافعة التنمية المنسية

رغم أن القطاع الثقافي والإبداعي ساهم سنة 2022 بنسبة 3.1% من الناتج المحلي العالمي ووفّر 50 مليون وظيفة، إلا أن تمويله ما زال غير منتظم، وغالبا ما يُنظر إليه كرفاهية لا أولوية. وقد برهنت اليونسكو خلال السنوات المنصرمة أنَّ الاستثمار في الثقافة، بدءاً من ترميم التراث الثقافي وصولاً إلى دعم الصناعات الإبداعية، ضاعف فوائد المساعدات الإنمائية، إذ شَهِدَت الموصل بالعراق وفّرت مشاريع ترميم التراث أكثر من 5000 وظيفة. وفي اليمن، شارك أكثر من 8000 شاب وشابة في إعادة تأهيل التراث الثقافي المحلي. وفي الكاريبي، استفاد أكثر من 2500 مبدع من برامج تدريبية لصقل الصناعات الإبداعية.
ودعت اليونسكو من جديد إلى دمج الثقافة في سياسات تمويل التنمية، لا كمظهر خارجي بل كدعامة أساسية للتماسك الاجتماعي والنمو الاقتصادي، وذلك في إطار التحضير للمؤتمر العالمي للسياسات الثقافية لعام 2025 في برشلونة.

التعليم: خسائر تفوق التصوّر
في تقرير حديث، دقّت اليونسكو ناقوس الخطر باعتبار أنّ المعونة الدولية للتعليم قد تتراجع بأكثر من 25% بين 2023 و2027، مع انخفاض فعلي بنسبة 12% سنة 2024 وحدها. وتمثل هذه المعونة في البلدان المنخفضة الدخل نسبة 17% من الإنفاق العام على التعليم، وتصل في بعض الحالات إلى نصف الميزانية الوطنية للتعليم. وتشير الأرقام الجديدة لليونسكو إلى أنَّ الاتجاه نحو الانسحاب من المعونة يأخذ منحى متزايداً في الوقت الذي لا يزال فيه 272 مليون طفل وشاب مستبعدين من النظام المدرسي، حيث يعيش نصفهم في إفريقيا.
وأكدت اليونسكو أنّ كل دولار يُستثمر في التعليم يمكن أن يعود بـ15 إلى 20 دولارا من الناتج المحلي الإجمالي، بينما التخلف عن الدراسة قد يكلف العالم 10 آلاف مليار دولار سنويا حتى عام . 2030

العلوم: طوق النجاة المُهمل
من التغير المناخي إلى الكوارث الطبيعية، مرورا بصحة المحيطات والأوبئة يبقى العلم هو خط الدفاع الأول.لكن المفارقة أن 80% من الدول تخصص أقل من 1% من ناتجها المحلي للبحث العلمي. أما علوم المحيطات، فتكاد تكون منسية، إذ لا تحصل سوى على 1.7% من الميزانيات الوطنية للبحوث رغم التحذيرات الدولية المتكررة.
وأشارت اليونسكو إلى أنّ الموارد المالية وحدها لا تكفي، إذ لا يقل التعاون أهمية عنها. يمكن لتشاطر البُنى الأساسية والبيانات والمعارف العلمية، بما في ذلك معارف الشعوب الأصلية، تعزيز تأثير البحوث، لاسيّما في البلدان ذات الدخل المنخفض. وهذا هو جوهر توصية اليونسكو بشأن العلم المفتوح، التي اعتمدتها الدول الأعضاء في عام 2021. وجدّدت اليونسكو، في مدينة سبيليه، دعوتها إلى تعزيز التعاون العلمي الدولي لخدمةِ المنفعة العامة.

المشاركة في هذا المقال