الهدنة بين إيران والاحتلال هل هي نهاية الحرب وفرض لمعدلات جديدة في المنطقة ؟

تم التوصل إلى اتفاق بين كيان الاحتلال وإيران على وقف شامل

وكامل لإطلاق النار في خطوة لإيقاف هذه الحرب التي استمرت 12 يوما في أعنف مواجهة مباشرة وغير مسبوقة بين الطرفين . فعملية الوعد الصادق 3 ليست مجرد جولة عابرة من صراع متواصل بين دولة الاحتلال والجمهورية الإسلامية الإيرانية بل هي محطة فاصلة من شأنها أن تفرض قواعد اشتباك جديدة بعد أن كادت الأحداث والتطورات المتصاعدة تجرّ المنطقة إلى دائرة الانفجار الشامل .

ووفقًا للاتفاق، ستبدأ إيران وقف إطلاق النار أولًا، وبعد مرور 12 ساعة ستبدأ إسرائيل وقف إطلاق النار، وعند الساعة 24 سيتم إعلان النهاية الرسمية لـ"حرب الـ12 يومًا" وخلال كل مرحلة من وقف إطلاق النار، سيلتزم الطرف الآخر بالسلم والاحترام. وقال الرئيس ترامب ان هذه الحرب كان يمكن أن تستمر لسنوات، وتدمّر الشرق الأوسط بأكمله، لكنها لم تفعل، ولن تفعل أبدًا.
ولعل تساؤلات عديدة تطرح اليوم حول فرص نجاح هذه الهدنة وتداعياتها. ويرى البعض ان "إسرائيل" بدعم أمريكي كانت تهدف الى تغيير النظام وليس فقط اضعاف واستهداف المشروع النووي الإيراني . فالهجوم المباغت واغتيال قيادات من الصف الأول وعلماء بارزون كل ذلك يؤكد بأن نتنياهو اعتقد بان ايران ستكون لقمة سهلة بعد ان تم إضعاف سوريا ، وتقييد حركة المقاومة اللبنانية بهدنة هشة . ولكن إيران أربكت كل حسابات نتنياهو وحليفه ترامب وتمكنت بما تملكه من ترسانة أسلحة متطورة وتقدم تكنولوجي رغم الحصار المفروض عليها لعقود، من فرض معادلة توازن للقوى تقوم على استراتيجية الرد بالمثل على أي تهديد صهيوني او امريكي . فتصعيد المواجهة لتشمل القواعد الأمريكية في المنطقة وتوجيه ضربات أدمت ودمرت عمق كيان الاحتلال كل ذلك ساهم في إرساء هذه المعادلة في الشرق الأوسط .
خرق الهدنة
وفي تحول لافت بعد أقل من 24 ساعة على إعلانه التوصل إلى اتفاق "نهائي وشامل" لوقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل، أعرب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الثلاثاء، عن استيائه العلني من التصعيد الإسرائيلي الأخير، رغم التزام تل أبيب المعلن بوقف العمليات بعد "حرب الـ12 يوما".
وقال ترامب عبر منصة "تروث سوشيال":"لست راضياً عن تصرفات إسرائيل في التصعيد الأخير"، مشيرا إلى أن كلا الطرفين -إيران وإسرائيل- قد انتهكا اتفاق وقف إطلاق النار.وتأتي هذه التصريحات بعد ساعات من إشادة ترامب بـ"شجاعة وذكاء" الطرفين على إنهاء الحرب. لكنه سرعان ما واجه انتكاسة في مساعيه للتهدئة، بعد ورود تقارير عن استمرار الضربات الإسرائيلية المحدودة داخل إيران، ورد إيراني صاروخي على مواقع إسرائيلية في الجولان.
ويرى محللون أن تصريحات ترامب الغاضبة تكشف عن إحراج سياسي مزدوج أولاً، كرّس ترامب نفسه راعيا للاتفاق، وراهن على تسجيل "نصر دبلوماسي" في ملف يعتبر من أعقد الصراعات في الشرق الأوسط.ثانيًا، فإن تجدد القتال، ولو بشكل محدود، يقوض الصورة التي رسمها ترامب عن قدرته على فرض الاستقرار، خصوصًا مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأمريكية.
وفق متابعين يبدو أن الرئيس الأمريكي يسعى الآن لتنصل سياسي محسوب، بإلقاء اللوم على الطرفين، ولكن بحدة خاصة تجاه "إسرائيل"، وهو ما قد يُفسّر كمحاولة لاستعادة التوازن في خطابه تجاه طهران.
وتشير الوقائع المتسارعة إلى أن وقف إطلاق النار بين "إسرائيل" وإيران بات هشا بشكل خطير، وسط غياب آلية رقابة واضحة، واستمرار الخطاب التصعيدي ما يهدد بعودة الأمور إلى المربع الأول.
هل تغيرت حسابات ترامب؟
تصريحات ترامب الغاضبة تعكس إعادة تقييم إستراتيجية داخل واشنطن، خاصة مع تقارير استخباراتية تشير إلى أن طهران تعيد تموضعها في بعض المنشآت العسكرية.
ومع استمرار الانتقادات داخل الكونغرس لغياب خطة أمريكية طويلة الأمد للتعامل مع ما بعد الحرب، قد يجد ترامب نفسه مضطرا لإعادة ضبط مواقفه، بعيدا عن الشعارات الانتصارية التي أطلقها بالأمس.
قراءة في بنود الاتفاق
ووفق مراقبين كان عدم تدخل الوكلاء في المنطقة وعدم انفجار الجبهات الثانوية سببا في عدم توسع رقعة المواجهة. ويأتي هذا الإعلان من ترامب في توقيت سياسي حساس ، ويبدو أنه يسعى لتسجيل "نصر دبلوماسي" يعزز صورته كـ"صانع صفقات سلام"، وهي العلامة التي حاول الترويج لها مرارا، خاصة بعد الضربة الأمريكية التي شنها ضد منشآت نووية إيرانية .
رغم عدم الكشف عن التفاصيل الدقيقة للاتفاق، إلا أن ترتيب تنفيذ وقف إطلاق النار يحمل دلالات سياسية واضحة فإيران تبدأ أولا. وإسرائيل ترد بعد 12 ساعة، بما يسمح لها بإنهاء "مهامها الجارية" في إيران.
لكن في المقابل، فإن موافقة "إسرائيل" على وقف إطلاق نار مرحلي قد يعكس اعترافا ضمنيا بأن استمرار القتال لم يعد يخدم مصالحها الإستراتيجية، خاصة بعد التهديدات الإيرانية المتزايدة باستهداف مصالح إسرائيلية إقليمية.
ورغم الاحتفاء بالاتفاق، فإن التحديات لا تزال قائمة. فالاغتيالات التي نُفذت في طهران ستبقى محور تصعيد محتمل في المستقبل، كما أن ساحة المعركة في غزة، تبدو الوجهة التالية للحسم العسكري.
ووفق خبراء يعد اتفاق وقف إطلاق النار بين الاحتلال وإيران، برعاية أمريكية، حدثا فارقا في سياق العلاقات المتوترة في الشرق الأوسط. لكنه لا يعني بالضرورة نهاية الصراع. فـ"حرب الـ12 يوما" قد تكون انتهت رسميا، لكن الحسابات الجيوسياسية، وأدوات الحرب الجديدة، تظل حاضرة على الطاولة.
تبعات التصعيد في قطر
هذا وجاء الإعلان عن الاتفاق عقب تطور لافت في سياق التصعيد الأمريكي الإيراني، حيث جاءت الضربة الصاروخية الإيرانية الأخيرة على قاعدة العُديد الجوية في قطر، أكبر القواعد الأمريكية في الخليج العربي، لتشكل ردا مدروسا من طهران على الهجوم الأمريكي الأخير.
اختيار قاعدة العُديد تحديدا، وليس قاعدة أمريكية في دولة أخرى، لم يكن عبثيا. فقطر تُعد من أقرب الحلفاء الإقليميين لإيران، كما تحتفظ بعلاقات إستراتيجية قوية مع الولايات المتحدة. هذه الازدواجية في التموضع ربما منحت إيران هامشا للمناورة، فهي تعلم أنّ أي ردّ منسق عبر الأراضي القطرية قد يُنظر إليه كجزء من تفاهم ضمني أو محاولة لاحتواء التصعيد. ويعزز هذا الاحتمال ما صرح به الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عقب الضربة، حين أعلن عن وقف لإطلاق النار بين الطرفين في خطوة فاجأت العالم .
ووفق مراقبين ورغم قدرة إيران على استهداف قواعد أخرى في الخليج، اختارت قاعدة العُديد تحديدا، متجنبة قواعد أمريكية في الكويت، البحرين، وحتى تركيا، حرصا على عدم توسيع نطاق المواجهة. ويبدو واضحا أن طهران سعت لإرسال رسالة قوية، ولكن ضمن "خطوط حمراء" لا تفضي إلى حرب إقليمية شاملة، خاصة مع حرصها على عدم استفزاز المملكة العربية السعودية أو تركيا في هذه المرحلة الدقيقة.في النهاية، يظهر أن طهران تمارس سياسة الرد دون الانفجار، وهو نهج يبدو أنه سيتكرر كثيرا في المرحلة القادمة، مع تصاعد التوترات، وتضارب الحسابات بين القوى الكبرى والإقليمية في المنطقة.
ترحيب حذر
من جهتها رحبت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين بإعلان وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل، داعية طهران للمشاركة في العملية الدبلوماسية.وأعربت في منشور عبر "إكس"، أمس الثلاثاء، عن ترحيبها بإعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وقف إطلاق النار بين طهران وتل أبيب.
وأضافت أن وقف إطلاق النار "خطوة هامة" للاستعادة الاستقرار في منطقة متوترة، داعية لأن يكون هذه الغاية "أولوية مشتركة لنا جميعا".وفي السياق، دعت المسؤولة الأوروبية إيران إلى "الانخراط بجدية" في عملية دبلوماسية "ذات مصداقية"، مشيرة إلى طاولة المفاوضات تظل "المسار الوحيد القابل للتطبيق للمي قدمًا".
في الأثناء قال مجلس الأمن القومي الإيراني إنّ القوات المسلحة حققت "تفوقا استراتيجيا" في الاشتباك مع إسرائيل، وإن طهران مستعدة للرد بحزم على أي هجوم إسرائيلي.جاء ذلك في بيان صادر عن مجلس الأمن القومي الإيراني الثلاثاء، تعليقا على اتفاق وقف إطلاق النار المعلن مع إسرائيل صباح أمس.
وجاء في البيان الذي نقلته وسائل إعلام رسمية: "فرض وقف إطلاق النار أحادي الجانب على إسرائيل، إذا أقدم العدو على أي هجوم، فسنرد بحزم".

وأضاف أن الشعب الإيراني قاوم بصمود وعزيمة وأن "الهجمات الإيرانية الأخيرة رد مشروع على انتهاكات إسرائيل".وذكر أن القوات المسلحة الإيرانية "تصرفت بشجاعة وردت على العدو في الوقت المناسب وبطريقة مناسبة".وأكد أن طهران "حققت تفوقا استراتيجيا" في الاشتباكات التي استمرت 12 يوما، وأن "إسرائيل اضطرت إلى قبول الهزيمة وقبول وقف إطلاق النار من جانب واحد".

 

المشاركة في هذا المقال

Leave a comment

Make sure you enter the (*) required information where indicated. HTML code is not allowed.

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115